النص :
اتخذت البنية الدرامية أشكالاً مختلفة تبعاً للتطور الحاصل في الفن بصورة عامة والمسرح على وجه الخصوص، بدأً من الكلاسيكية وصولاً إلى الحداثة وما بعد الحداثة، الا ان هذا التطور في البناء الدرامي لم يفقد النص عناصره الأساسية وحافظ عليها كالفكرة والحبكة.. الخ من العناصر الأساسية التي تم وضعها من قبل أرسطو.
وفي نص مسرحية (فهرسة) نجد غياب النص أو بالمعنى الأصح غياب مقومات العناصر الأساسية في البناء الدرامي، ولو أسقطنا النص على أي مذهب من المذاهب المسرحية كالعبث واللامعقول أو المسرح داخل مسرح نجده لا يطابق أي مذهب على الرغم من توفر بعض سمات ذاك المذهب. اذن نحن نقف أمام نوع جديد من البنية وهي أقرب إلى الواقع المعاش من حيث التنوع وهذا أشبه بالكولاج وتجميع مقتطفات من تجارب واقعية عبر مذاهب متعددة لخلق بنية كالوجية مغايره لما عرف من مذاهب سابقة وهذه تعتبر نقطة تحسب للكاتب.
الحوار:
اعتمد على استخدام اللهجة الدارجة وذلك بإدخال مفردات مثل (طشة، مضغوطين… الخ) في محاولة لتقريب الجمهور من النص، وان معظم ما كان يدور من حوار جاء من أجل الكلام وحسب دون أي دلالات تذكر، مع تكرار عمل على تشتيت ذهن المتلقي أثناء العرض من المدخل الأول، اذ لم يفهم الجمهور الفكرة وكان الأجدر أن يتم ذكر بعض الحوارات لنص تيشخوف ومن ثم يستمر العرض، فنحن نعرف ان أي قصة واقعية اذا بنيت على شكل حوارات فهي عبارة عن ثرثرة اكثر مما هي حوار مسرحي.
العرض :
كانت بداية المسرحية مربكة من خلال الممثل الذي مثل دور المخرج وجعل حواره أشبه بتمثيل مسرح داخل مسرح، عندما أوعز لبداية العرض المسرحي وكذلك فعل الممثل الرئيسي الذي أوعز أيضاً مرة اخرى لبداية العرض، الشخصيات غيبت نص العرض الا انه اصبحت المشاهد اشبه بمفردات تحكى بطريقة الطرفة لتجبر المتفرج على الضحك، ان موضوعة غياب المثقف في حياتنا اليوم مقابل حضور الجاهل المتسلط صاحب الأموال اصبحت مستهلكة، فقد كان بالإمكان وجود حلول أخرى لنقل صورة الواقع الحالي الذي اكتسحه الجاهل بأمواله وسلطته دون تشبيه المثقف ببسطال جندي، كان على كاتب النص أن يداري بعض المفردات فالمسرح واجهة البلدان وبه ترتقي الأمم.
وهذا ينطبق أيضاً على ما شاهدناه من مشاهد تمثيلية لخيال الظل التي بدت مشوّشة برقصات فوضوية لاحظنا من خلالها ان المثقف يعدم والمتسلط الجاهل شامخ في جبروته وهناك من يعمل تحت ارادته.
كان الممثل الأخرس له سطوة جميلة حاول ان يرفع من شأن العرض من خلال كاريكاتير ذو بديهة مرحه وكذلك ما أضافتهُ الموسيقى من جمال توافق وبانسجام مع المشاهد وهذا ما زاد الفضاء حيوية. ان فكرة العرض واضحه والهدف واضح لكن المعالجة الاخراجية كانت ضعيفة ولغة الممثلين ضعيفة وسبب هذا عدم التحقق من النص قبل العرض مما سبب ارباك لما يقوله الممثل سينوغرافياً. العرض كان يمثل واقع البلد والقهر الموجود فيه، لذا أرى ومن وجهة نظري ان خروج الممثل خارج المسرح اثناء العرض لم يكن موفقاً، فلم يستثمر وجود النفايات التي كان لها دلالة واضحة لينفذ المثقف أخيراً من دوامة السلطة والظلم ويعود الى سجنه الذي عاشه ولازال يعيش فيه، وكذلك الكتب الموجودة في الفضاء كان الأجدر ان تستخدم في بعض الحوارات التي تم فيها ذكر السجن، وايضاً عملية شراء الكتب ان يتم التعامل معها كجزء من فضاء العرض المسرحي.
برع المخرج في رسم صورة المرأة المغيبة في الوسط الثقافي، سواء على صعيد التمثيل أو الكتابة أو غيره من ميادين الفنون والثقافة الأخرى، عبر الاستعانة بالاستان وورقة خط عليها اسم امرأة دلالة على المثقفة زوجة المثقف (فصيح).
……
• مسرحية (فهرسة كولاجية) تم عرضها ضمن مهرجان نظران المسرحي الأول الذي اقيم في نقابة الفنانين/ البصرة آذار 2022.