يعتبر حسب الشيخ جعفر (1942 ـ 2022) ملتزم أخلاقي٬ في ذهنه٬ أنبرى ونشأت من أصل قواعد شذور وضوحها٬ تعاليا تصوره٬ النشط رسوها صراحة٬ تمجيد في إرساء قصيدته أولا٬ تصنيف ميادينها٬ الذي يعزى ألتفات هذا القرار إلى الرغبة في التعريف بنفسه٬ مدفوعين٬ في ممارسة فعل التغيير٬ ولكن أيضا إلى التوق لصفحة تجديدها من الزلل٬ في المستقبل.
ومن السرور في وقفه الشواهد عوامل وحدتها٬ مقدرات تسارع تدبيرها٬ من كل حدب لأستنزاف حق مآتاها. بمعنى تحقيق تطبيقاتها من حيث التجديد٬ والإحياء٬ والدراسة٬ والفهم٬ والشرح٬ والتواصل بعلاقتها٬ مع المعارف المكانية والزمانية٬ في حلقات متصلة. وفي ضوئه القراءات المتواترة منها؛ في الأدب العالمي والعربي والعراقي. وكذا تواصل في تحقيق الميزان؛ الذي بواسطته أغنى المسالك والسياق الثقافي٬ ثم النظر إلى مصدر قبولها والأعجاب من قبل المتخصصين على السواء. وهذا ما دفع به٬ إلى الفعل الجاد والحكيم إلى ضبطها؛ والتي تبنت وقبل كل شيء استجابة توجهه لفعل الإرادة الإبداعية الجامحة٬ وناطقا بعنوانها. وعادة هذه الإرسالية والذي يأتي بتفعيلها؛ من تنسج فعل الإرادة والكفاح الملتزم٬ بالدفاع عن أهدافها٬ وهو بهذا التوازن يكيفها مع ظروف النطق٬ وقبل كل شيء تلك الخاصة به٬ كـ”شاعر” نفسه.
ومما لا شك فيه؛ يعتبر من أبرز شعراء العراق. ولكن يجب أن نتذكر أنه أيضا أحد أبرز “المنفيين ـ الجغرافيين” له: معدا أول رسام لإبداعية القصيدة (المدورة)٬ مثبتا بها الأول٬ راسخا نحوها على خريطة المسيرة العربية والعراقية الأدبية الأصيلة٬ والمقاطعة النائية حيث تجري مشاغلات أحداث القصيدة٬ في الأبتكار.
إن رسم الخرائط للإبداعية العراقية يرسخ نفسه في منظور إبداعها٬ لكنه يكشف أيضا عن الموقف الغامض للشاعر الفاتح٬ الحر: في حين أن الإبداعية الشعرية هدف لا يزال يتعين الوصول إليه٬ بالتطوير والإبتكار. أي بمعنى٬ إن معرفة الإبتكار٬ فعل الإرادة الجامحة؛ والتي جعلت يتحدث عنها؛ هي منطلق أرض العراق الإبداعية٬ حرة شرسة. تماما مثل سكانها الجامحين.
هذا هو السبب في أنها تستحق الإعجاب الكامل من الشاعر الملحمي٬ ويمكنه فقط أن يجعلها واحدة من أبطال كتاباته٬ كتأكيد نهائي على تحديد مساحة العراق٬ مع نضال شعبها٬ الذي كان الخطاب الشعري الإبداعي حول عراق يبنيه٬ قصيدته.
إذ أعتبرت القصيدة المدورة٬ نصبت أوائلها على أكتافه٬ بتلاتها٬ فغالبا ما ننسى أنه كان أيضا من الأوائل الذين درسوا جغرافيتها بطريقة خاصة٬ من أجل التجديد/التغيير٬ ما دفع به إلى التمحيص بتمعن البحث إليها٬ و بدراسات وفق جغرافيتها٬ لا سيما٬ برؤيا ومنهجيته الخاصة. موضحا خريطة أدبية حقيقية على المدى البعيد. معرضا المقاطعة في المراجعة والتصحيح٬ و ما تتالت كتاباته نهج محطات٬ موجز تعريفها٬ مسارد تعديل الإشكالية٬ نفع شرح شواهد فيها شذور٬ فعل قصديته. مبينا وسائلا الخرائط الشعرية الفنية من موقف الحداثة/التجديد؛ هذا ما يعني جزء من ما يلهم الإخلاص فيه القول والفعل والعمل أحيانا بتدارك قدير لـ”المنظور الأستعماري”٬ في فهم موجز ٬ تحملنا نفع تحملنا وأمتثال طاقتنا الاستنباط والأقتران في عرض الباع٬ والاستدلال بها في تجاوز الزلل٬ فضلا عما يجول في خلده٬ وحيز التحليل من تفكيره٬ موضوعيا في أخذه ورده في الأبتكار والتحديث.
بات معلوما للدارسين والناقديين على السواء أن الشاعر ميالا إلى التغيير٬ على النص الشعري مسألة يدور البحث فيها٬ إذ ما أقتضت الضرورة جاءت لغته سليمة٬ وأختيار عبراته موضوعات صحيحة٬ أي تغيير يذكر في الأصل٬ لأمر ما٬ من أن الإشارة فيها هنا٬ إلى التغيير ليس من الحاشية٬ بل أنطلاقا من الحقيقة المسلم بها٬ في كشف الحاشية والهامش المسلم بها٬ ٬ سامحا بنظرته الثاقبة٬ تماشيا مع المنهجية العلمية٬ وكذلك حرصه على الجوهر الأخلاقي ٬ في إثبات التغيير٬ من أمر لا تتنافى مع المنهجية العلميةم وأصول قواعد الإبداع والأبتكار في التحقيق٬ نحو جادة المستقبل.ضابطا علامات المنهجية٬ مبينا أوجه تخريجات القراءات إليها حرا في تفكير رجح اليسار من أوجهها٬ الذي يتلو الوصف العامل بإضافته قراءات تبلغ أمره في مواطن كثيرة٬ متخذا رافعة الماركسية من المذاهب الفلسفية لمنهجية التغيير بعينها بمثابة الأستقبال٬ والاستدلال بها٬ وما تضيف إليه في نصب النظر٬ عما يجول في خلده. فهو لم يتعصب٬ لكنه يكشف أيضا ذلك الغموض في الخطاب الحداثي/التجديد٬ معينا بالوقوف إلى الخطاب العراقي الذي “تدور” فيها قصته.
أرض العراق كتاريخ حر وفعل إرادة معرفية حرة وشرسة مثل سكانها٬ والتي سعى الغرب/الحداثي منذ فترة طويلة أبعاد حقيقتها٬ عبثا٬ إلى الخضوع إليها… لا يمكن لمثل هذه المنطقة المثيرة للجدل٬ إلا أن تثير إعجاب الشاعر الملحمي بتثبيت أواصر رؤيته فيها٬ الذي لا يستطيع مقاومة٬ فأخذته المعرفة بالإبتكار٬ من جعله أبرز أبطال قصيدته٬ وبالتالي إكمال التماثل الأكبر في هويته بين الفضاء العراقي ونضال سكانه المتوقدين بالإبداع٬ والممتحنين بالابتكار والخلق. حضارة مدورة.
لم تكن هذه القصيدة لتظهر بدون مشقة وجهد٬ بل حافز وعناية خوض ملاحظات تحريرية في الحداثة/التجديد. بل وما تقدم به الشعراء من قبل كنازك الملائكة٬ السياب٬ البياتي٬ البريكان٬ سعدي يوسف٬ تلك التجارب بالتأكيد شكلت دعم ومشور٬ و فعل تمنحه الفرصة في عناية دقة “المبادرة” فقط لتنفيذهها٬ ولكنها ساعدت الدراسات٬ ومن خلال قرائتها وكتاباته اليقط٬ مهدت الطريق له إلى حد كبير٬ مما سمح له بقراءة التجارب العالمية٬ بالتأكيد٬ وبقراءة بعض تأملاتها الخاصة ـ والمحاولات البكر له٬ والتي لم تنشر أحيانا ـ حو موضوعات قريبة. مما جعلت تجربة الترجمة إليه٬ فعل أمتنان وحافز عميق من أجل تدعيم ومساعدته القيمةم منذ بداية مسيرته الجامعية القصيرة. بل وأيضا مخضت في الأعراب على السماح له بالمشاركة في هذا الحضور٬ في تجسيد النص والخطاب المترجم٬ والخوض في المنشور٬ والمعطى التعليمي من خلال تجارب الشعراء الروس٬ التي فتحت له نوافذ نقده القيم للإصدارات المتتالية من نصوص ودراسات.
إذن٬ اليوم ـ٬ أصبح تحديد القصيدة المدورة٬ تحديدا ضخما في الفهم والأبعاد؛ الإطار الذي وضعته المكانة الإبداعية للشاعر٬ فعل إبداعي أحترافي. القصيدة التي كتبها نقشت في أعماله٬ تدوينا تأسيسا للتاريخ الشعري الإبداعي العربي والعراقي٬ موضوعا حقيقيا٬ ليس فقط لأولئك المهتمين بتاريخ تجديد الشعر المعاصر٬ ولكن للأمة العراقية والعربية بكاملها. العراق٬ الذين تتغذى ثقافتهم الأدبية بالأسماء والشخصيات والقيم التي قدمتها للتغيير. أكتسب هذا التراكم من الإبداع والأبتكار٬ من تاريخ العراق قوة جامحة٬ في سياق أنظومته الخلاقة٬ وهو يحق إلى قيمة مضافة لحاضره وتاريخه الإبداعي الرمزي٬ ولفعل إرادة هذا الجهد الرمزي للشاع٬ على المدى الطويل من المواظبة٬ الذي شكل إليه وسم٬ ومسمى “مخترع القصيدة المدورة”٬ على لسان كبار معجبيه ومتابعيه من النقاد والكتاب٬ الذين تشكلوا أكسب القيم والفهم المضاف٬ تتغذى عليه ثقافتهم ولءولئك المهتمين بتاريخ تطور الأدب. وهذا لا يبدو إليه٬ أنقطاعا٬ بل أبرز لمبدعيه أيضا٬ رمز الباع الطويل في تقديم ٬ القيمة المضافة الجديدة٬ للعرب وللعراق. يبدو أن قيمة التواصل معينا٬ ألهم إلشاعر لإصدار مجموعاته الشعرية ٬ في حدود هذا الإبداع للقصيدة٬ والأكتفاء الحتمي للكتابة٬ بألواح الأناشيد السومرية باعه الشعري٬ وهو يستحضر الوصايا إليها٬ لحضارة يستأنسها في بواطن النصوص٬ الخطيرة والتحريضية في التفكير٬ وهو يعد القيمة الإبداعية٬ قيمة مضافة على الثورة الثقافية الإبداعية العراقية/الرافدينية. بحيث غادرنا وهو الرفيق النبيل الذي يتنقل بين الجميع وكل شيء٬ مرسلا تجربته الثرية٬ بين القراء عامة والمبدعون على وجه التحديد.
وتشير سيرته الذاتيه المختصرة٬ للراحل٬ إلى انه:
تحصيله العلمي: خريج معهد غوركي للأداب/موسكو ( 1966)
التخصص: ماجستير ـ آداب
عمل؛ رئيس القسم الثقافي في إذاعة بغداد للفترة من 1870 ـ 1974
ومحررا في جريدة الثورة العراقية
وكذلك عضوا في أتحاد الأدباء والكتاب في العراق
ترجم العديد من النصوص الشعرية لكتاب روس
حاز تقديرا لأعماله جائزة السلام السوفيتية (1983)
نال جائزة سلطان عويس الثقافية ( 2002 / 2003)
من أصداراته الشعرية:
ـ نخلة الله (1969)
ـ الطائر الخشبي (1972)
ـ زياردة السيدة السومرية (1974)
ـ عبر الحائط في المرآة (1977)
ـ الأعمال الشعرية(1985)
ـ أعمدة سمرقند ( 1985 )
ـ رماد الدرويش (1986)…إلخ
وأيضا من ترجماته:
قصائد من الشعر الروسي لبوشكن وغيره… .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- المكان / طوكيـو
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة)