ما زالت جديلتها الحريرية مبللة، لم ينشف عنها ماء الاستحمام بعد، برغم أنّ المسافة من بيتنا للمزرعة ليست قصيرة.
أكثر ما يعجبني بجارتي الفلّاحة، التي تكبر طفولتي بخمسة أعوام، وجنتاها جيّدتا التغذية، وقد احمرّتا من حرارة الصيف مثل حبّتَي مشمش.
أمي وأمها تتجاذبان الدخان والسوالف تحت فيء السيسبان، بينما نحن، هي وأنا، نحتطب سيقان البرسيم ونرزمه باقات.
أوّل مرة خلال أعوامي الستة أدنو من حبّة مشمش بهذا القرب، صرختُ بها: “احذري، مشمشة تحترق داخل خدّك وتضيء”.
في خلوة من خلوات مساءاتنا، الساخنة بسبب وهج الحشائش، تسلّق جسدينا جيوش من نمل أحمر، بالنسبة لي تعرّيت ورميت نفسي فورًا في نهر شطيّط، حين تركت النهر وجدتها تتألّم بصمت وتهرش من خلف الثياب، لا أدري ماذا أفعل تلك اللحظة، لكنّها باغتتني: “بلّل ثوبك في النهر وتعال بسرعة”.
“والآن، ادخُل تحت ثيابي وافركني به”.
صارت آثار النمل على جسدها مثل فراشات من جمر، لدرجة أنّ فراشة في مقدّمة صدرها أوهمتني أنّها حقيقية، فقرصتها بالسبّابة والإبهام، لم أكن أتوقّع أن تستفزها حركتي البريئة تلك، أخرجتني من تحت ثيابها، مثل حركة ساحر يُخرج حمامة من بطنه، ثم عضّتني بعنف، عضّة تأنيب من كفّي المذنبة، اختلط لعابها بدمي.
أخذت تلك العَضّة معي إلى الكهولة، كأنّها تركت قطعة لعاب ساخنة في دمي، برَدَتْ في داخلي، وتحولت إلى ندبة باردة، لكنها ما زالت، برغم السنين، تبرق عبر الجلد مثل وشم.