بدعوة من منتدى بغداد للثقافة والفنون وبالتعاون مع جمعية الصداقة الألمانية العربية في برلين أحيا الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف أمسية شعرية حضرتها نخبة من المثقفين والمهتمين بالأدب والشعر من العرب والألمان.
ومنتدى بغداد تجمع ينحصر عمله قطعاً بالشأن الثقافي والفني وما يجدي العراق وشعبه وحضارته نفعاً. مؤسسوه، أعضاء وأصدقاء، هم في الغالب من الأكاديميين والأدباء والفنانين والصحفيين العراقيين الذين كانوا يعارضون النظام السابق ويقيمون في المهجر بسبب ملاحقته لهم، لكنهم كانوا أيضاً ضد الحرب وغزو بلادهم في العام 2003 على يد القوات متعدد الجنسيات التي دمرت العراق وشعبه.. أما جمعية الصداقة الألمانية العربية التي يترأسها د. أوتو فيسهوي Dr. Otto Wiesheu هي مؤسسة هامة على الساحة الألمانية، مجلسها وأعضاؤها الذين يزيد عددهم على الأربعمائة، جلهم سياسيون وأكاديميون ومثقفون ورجال أعمال معروفين، بينهم وزراء ونواب ودبلوماسيون من الألمان والعرب في الخدمة وخارجها وفي مجلس إدارتها أربعة أعضاء يمثلون الكتل النيابية الأربع في المجلس النيابي الاتحادي الألماني ” بوندستاغ Bundestag ” ولها نشاطات واسعة في نشر الثقافة وإقامة المعارض الفنية والندوات الأدبية والفكرية والإقتصادية والعلمية فضلاً عن دورها في توثيق العلاقات العربية الألمانية وتفعيل الحوار بين مجتمعاتها في كافة المجالات وأهمها الثقافية والعلمية.
أفتتح الأمسية نائب الرئيس للشؤون الثقافية والعلمية البروفسور ديتريش فيلدونغ Prof. Wildung مرحباً بالشاعر سعدي يوسف ومكانته العالمية كما وأشاد بأهمية الأدب العربي وتأثيره على ثقافات العالم وحضاراته ومنها الألمانية.. الروائي والشاعر العراقي صبري هاشم قدم الشاعر يوسف بكلمة مقتضبة جاء فيها: باسم الشاعر الضيف سعدي يوسف وباسمي شخصياً أُرحبُ بالحضور الكريم وأشكر جمعية الصداقة الألمانية ـ العربية مثلما أشكر منتدى بغداد للثقافة والفنون على جهودهما المشتركة التي انصبّت على دعوة الشاعر والتهيئة لهذه الأمسيّة ، كما يسعدني أن أقدِّمَ قامةً شعريةً سامقةً وشخصيةً وطنيةً بارزةً كسعدي يوسف الذي عارض الدكتاتورية في بلاده ودافع عن حقوق المحرومين والمضطهدين ووقف بوجه الغزاة والمحتلين فتحمّل مِن أجل قضيته الوطنية عبئاً ثقيلاً وتعرّض لغدر الغادرين وصار هدفاً لسهام الناقمين من يمينيين ويساريين. شيخ المنفيين هذا علّمنا ـ منذ البحث الأول عن أسرار القصيدة ـ سحر القصيدة . فباسمكم واسمي أرحب أنا صبري هاشم بالشاعر الكبير سعدي يوسف، ثم ألقى قصيدة جميلة خصّ بها الشاعر بعنوان ” حدائق سعدي” أقتطف منها:
نحن في الجوارِ
وإلى جوارِ حديقةٍ في الجوارِ
يأتي الأعرابُ
بخسائرِهم الكثيرةِ وأحلامِهم المُنْسَلّةِ مِن سلالٍ منسوجةٍ مِن وهمِ الذاكرةِ
وتأتي القبائلُ :
إيلخانيون كانوا قد زرعوا الفجيعةَ في أزقةِ بغداد
مثلما يفعلُ الآن السادةُ الأمريكان
* ثم يستمر صبري هاشم بإلقاء جميل مطلقاً أسئلة تصل إلى جمهور واسع اضطر بعضه إلى أن يبقى واقفاً في مؤخرةِ القاعة إلى أن يقول :
أنحن على ساحلِ بحرٍ نتقاسمُ لذّةَ المنفى ؟
هل تأتي أمُّ البروم
بلا عمّالِ المسطرِ وبلا جوادٍ تأتي التحرير ؟
هل تصمتُ حقولُ الجوريِّ بوجهِ الزائرِ والولهان
وتنطلقُ حزناً آهةُ زيزفونةٍ ؟
هل تُنتهك علانيةً نخلةٌ على شاطئ الفرات ؟
هل ؟
ما أصعبَ السؤال !
إلى حدائقَ في الجوارِ
نأتي بورقةٍ وقلمٍ
زجاجةِ نبيذٍ وقنينةِ ماء
إلى ساحةٍ في الجوارِ أشعلتْ صمتي
يأتي مِن آخرِ القرى المنطويةِ على نفسِها في أطرافِ لندن سعدي يوسف
يسحرُهُ المكانُ
إلى ساحةٍ أمَّها الطيرُ والشعراءُ
ثم تناول سيرة الشاعر ومشواره الأدبي والسياسي وما قدمه خلال العقود الخمسة من شعر ونثر ترجم العديد منه إلى لغات عالمية كالإنكليزية والإيطالية والفرنسية والألمانية، وكشف عن جانب هام في حياته ألا وهو المهجر الذي إنتقل إليه في سن مبكرة ومازال يتنقل بين عواصمه ومدنه ، مدينة تلو مدينة ، ومطار بعد مطار دون أن يكل، لكن هواجسه نحو الوطن كانت هي شغله الشاغل الذي يدفعه نحو مزيد من العطاء.
في أمسية برلينية كان الطقس فيها جميلاً ألقى الشاعر سعدي يوسف قصائد متنوعة، موسومة بعناوين وتواريخ ومدن كثيرة حطت خطى الشاعر فيها. في الحب والجمال والترحال والسياسة، وكانت بغداد حاضرة المكان والزمان لا تغيب عن ذاكرة ولا تخفي مصابها عنه رغم إغترابه بعيداً عن الوطن منذ عقود، يناجي مسار حالها ويواسي أنيناً لها لم ينقطع. بين طرفي لحظيه الجائلتين في فضاء المكان راح يكشف عن أسرار شوق لشواطيء دجلة والفرات، ولضفاف شط العرب ونخيله حيث كان يقف على جرفه يرصد هدير المياه وقوارب صيادي السمك وأهازيجهم، هو هيه يوب. ويتفرس الوجوه السمراء التي لوحتها الشمس حتى احمرت وصفعتها الرياح فتشققت.
لم يستمتع الضيوف بنصوص الشاعر القديمة وأسلوب إلقائه التعبيري حيث تقاطيع وجهه وعناصره يغازل بعضها البعض بصورة إيحائية صادقة فيما تعرج يداه مليئة بحركات دراماتيكية نحو السماء وكأنه ينشر وشاحاً خمرياً في الهواء، أنما نهلوا من سفح قصائده الجديدة التي لم تنشر بعد والتي ننتقي منها قصيدتين ستنشر في كتابٍ يصدر قريباً تحت عنوان: أنا برلينيّ ؟ بانوراما “سعدي يوسف:
حِــنّــاءُ الـفــاوِ
حنّاءُ نساءِ البصرةِ تأتي مع مِلْحِ البحرِ
وأسماكِ البحرِ
ورُوبيانِ البحرِ
من الفاوِ …
الأوراقُ الـخُضْـرُ ، مخشخشةً تأتي ، في أكياسٍ من خيشٍ.
ستكون الأوراقُ طحيناً أخضرَ مُـغْـبَــرّاً
ستكونُ عجيناً أخضرَ
أخضرَ ، مُـحْـمَــرّاً بعد دقائقَ .
حنّاءُ الفاوِ
خِضابُ لِحىً وجدائلَ
راحاتُ عرائسَ
أخفافُ حُفاةٍ شــقّقَ أقدامَهمو السّـعيُ على طرُقاتِ اللهِ …
وحِــنّاءُ الفاوِ
كأسماكِ الفاوِ
ومِلْحِ البحرِ
وروبيانِ البحرِ
تَناءتْ ، حتى غابتْ في ما كانَ يُـسَــمَّــى الفاو …
…………………
…………………
…………………
خالاتي المسكيناتُ سَــكَـنَّ الفاو
السّــاعــة
حمامتانِ حـطّـتــا ، في صيفِ برلين
على مبنىً بلا نوافذَ.
الحمامتانِ َ
كانتا بين الهوائيّاتِ والأطباقِ والسطحِ الـمُـصَـفّى
تبحثانِ
عن بذورٍ
عن بقايا خُبزةٍ
عن قطرةٍ …
أسمعُ ، في الهدأةِ ، منقارَينِ :
تِك ْ
تِكْ
أهِـــيَ الساعـةُ ؟
هل دقّتْ على المبنى الذي بلا نوافذَ ، الســاعةْ ؟
ومنتدى بغداد تجمع ينحصر عمله قطعاً بالشأن الثقافي والفني وما يجدي العراق وشعبه وحضارته نفعاً. مؤسسوه، أعضاء وأصدقاء، هم في الغالب من الأكاديميين والأدباء والفنانين والصحفيين العراقيين الذين كانوا يعارضون النظام السابق ويقيمون في المهجر بسبب ملاحقته لهم، لكنهم كانوا أيضاً ضد الحرب وغزو بلادهم في العام 2003 على يد القوات متعدد الجنسيات التي دمرت العراق وشعبه.. أما جمعية الصداقة الألمانية العربية التي يترأسها د. أوتو فيسهوي Dr. Otto Wiesheu هي مؤسسة هامة على الساحة الألمانية، مجلسها وأعضاؤها الذين يزيد عددهم على الأربعمائة، جلهم سياسيون وأكاديميون ومثقفون ورجال أعمال معروفين، بينهم وزراء ونواب ودبلوماسيون من الألمان والعرب في الخدمة وخارجها وفي مجلس إدارتها أربعة أعضاء يمثلون الكتل النيابية الأربع في المجلس النيابي الاتحادي الألماني ” بوندستاغ Bundestag ” ولها نشاطات واسعة في نشر الثقافة وإقامة المعارض الفنية والندوات الأدبية والفكرية والإقتصادية والعلمية فضلاً عن دورها في توثيق العلاقات العربية الألمانية وتفعيل الحوار بين مجتمعاتها في كافة المجالات وأهمها الثقافية والعلمية.
أفتتح الأمسية نائب الرئيس للشؤون الثقافية والعلمية البروفسور ديتريش فيلدونغ Prof. Wildung مرحباً بالشاعر سعدي يوسف ومكانته العالمية كما وأشاد بأهمية الأدب العربي وتأثيره على ثقافات العالم وحضاراته ومنها الألمانية.. الروائي والشاعر العراقي صبري هاشم قدم الشاعر يوسف بكلمة مقتضبة جاء فيها: باسم الشاعر الضيف سعدي يوسف وباسمي شخصياً أُرحبُ بالحضور الكريم وأشكر جمعية الصداقة الألمانية ـ العربية مثلما أشكر منتدى بغداد للثقافة والفنون على جهودهما المشتركة التي انصبّت على دعوة الشاعر والتهيئة لهذه الأمسيّة ، كما يسعدني أن أقدِّمَ قامةً شعريةً سامقةً وشخصيةً وطنيةً بارزةً كسعدي يوسف الذي عارض الدكتاتورية في بلاده ودافع عن حقوق المحرومين والمضطهدين ووقف بوجه الغزاة والمحتلين فتحمّل مِن أجل قضيته الوطنية عبئاً ثقيلاً وتعرّض لغدر الغادرين وصار هدفاً لسهام الناقمين من يمينيين ويساريين. شيخ المنفيين هذا علّمنا ـ منذ البحث الأول عن أسرار القصيدة ـ سحر القصيدة . فباسمكم واسمي أرحب أنا صبري هاشم بالشاعر الكبير سعدي يوسف، ثم ألقى قصيدة جميلة خصّ بها الشاعر بعنوان ” حدائق سعدي” أقتطف منها:
نحن في الجوارِ
وإلى جوارِ حديقةٍ في الجوارِ
يأتي الأعرابُ
بخسائرِهم الكثيرةِ وأحلامِهم المُنْسَلّةِ مِن سلالٍ منسوجةٍ مِن وهمِ الذاكرةِ
وتأتي القبائلُ :
إيلخانيون كانوا قد زرعوا الفجيعةَ في أزقةِ بغداد
مثلما يفعلُ الآن السادةُ الأمريكان
* ثم يستمر صبري هاشم بإلقاء جميل مطلقاً أسئلة تصل إلى جمهور واسع اضطر بعضه إلى أن يبقى واقفاً في مؤخرةِ القاعة إلى أن يقول :
أنحن على ساحلِ بحرٍ نتقاسمُ لذّةَ المنفى ؟
هل تأتي أمُّ البروم
بلا عمّالِ المسطرِ وبلا جوادٍ تأتي التحرير ؟
هل تصمتُ حقولُ الجوريِّ بوجهِ الزائرِ والولهان
وتنطلقُ حزناً آهةُ زيزفونةٍ ؟
هل تُنتهك علانيةً نخلةٌ على شاطئ الفرات ؟
هل ؟
ما أصعبَ السؤال !
إلى حدائقَ في الجوارِ
نأتي بورقةٍ وقلمٍ
زجاجةِ نبيذٍ وقنينةِ ماء
إلى ساحةٍ في الجوارِ أشعلتْ صمتي
يأتي مِن آخرِ القرى المنطويةِ على نفسِها في أطرافِ لندن سعدي يوسف
يسحرُهُ المكانُ
إلى ساحةٍ أمَّها الطيرُ والشعراءُ
ثم تناول سيرة الشاعر ومشواره الأدبي والسياسي وما قدمه خلال العقود الخمسة من شعر ونثر ترجم العديد منه إلى لغات عالمية كالإنكليزية والإيطالية والفرنسية والألمانية، وكشف عن جانب هام في حياته ألا وهو المهجر الذي إنتقل إليه في سن مبكرة ومازال يتنقل بين عواصمه ومدنه ، مدينة تلو مدينة ، ومطار بعد مطار دون أن يكل، لكن هواجسه نحو الوطن كانت هي شغله الشاغل الذي يدفعه نحو مزيد من العطاء.
في أمسية برلينية كان الطقس فيها جميلاً ألقى الشاعر سعدي يوسف قصائد متنوعة، موسومة بعناوين وتواريخ ومدن كثيرة حطت خطى الشاعر فيها. في الحب والجمال والترحال والسياسة، وكانت بغداد حاضرة المكان والزمان لا تغيب عن ذاكرة ولا تخفي مصابها عنه رغم إغترابه بعيداً عن الوطن منذ عقود، يناجي مسار حالها ويواسي أنيناً لها لم ينقطع. بين طرفي لحظيه الجائلتين في فضاء المكان راح يكشف عن أسرار شوق لشواطيء دجلة والفرات، ولضفاف شط العرب ونخيله حيث كان يقف على جرفه يرصد هدير المياه وقوارب صيادي السمك وأهازيجهم، هو هيه يوب. ويتفرس الوجوه السمراء التي لوحتها الشمس حتى احمرت وصفعتها الرياح فتشققت.
لم يستمتع الضيوف بنصوص الشاعر القديمة وأسلوب إلقائه التعبيري حيث تقاطيع وجهه وعناصره يغازل بعضها البعض بصورة إيحائية صادقة فيما تعرج يداه مليئة بحركات دراماتيكية نحو السماء وكأنه ينشر وشاحاً خمرياً في الهواء، أنما نهلوا من سفح قصائده الجديدة التي لم تنشر بعد والتي ننتقي منها قصيدتين ستنشر في كتابٍ يصدر قريباً تحت عنوان: أنا برلينيّ ؟ بانوراما “سعدي يوسف:
حِــنّــاءُ الـفــاوِ
حنّاءُ نساءِ البصرةِ تأتي مع مِلْحِ البحرِ
وأسماكِ البحرِ
ورُوبيانِ البحرِ
من الفاوِ …
الأوراقُ الـخُضْـرُ ، مخشخشةً تأتي ، في أكياسٍ من خيشٍ.
ستكون الأوراقُ طحيناً أخضرَ مُـغْـبَــرّاً
ستكونُ عجيناً أخضرَ
أخضرَ ، مُـحْـمَــرّاً بعد دقائقَ .
حنّاءُ الفاوِ
خِضابُ لِحىً وجدائلَ
راحاتُ عرائسَ
أخفافُ حُفاةٍ شــقّقَ أقدامَهمو السّـعيُ على طرُقاتِ اللهِ …
وحِــنّاءُ الفاوِ
كأسماكِ الفاوِ
ومِلْحِ البحرِ
وروبيانِ البحرِ
تَناءتْ ، حتى غابتْ في ما كانَ يُـسَــمَّــى الفاو …
…………………
…………………
…………………
خالاتي المسكيناتُ سَــكَـنَّ الفاو
السّــاعــة
حمامتانِ حـطّـتــا ، في صيفِ برلين
على مبنىً بلا نوافذَ.
الحمامتانِ َ
كانتا بين الهوائيّاتِ والأطباقِ والسطحِ الـمُـصَـفّى
تبحثانِ
عن بذورٍ
عن بقايا خُبزةٍ
عن قطرةٍ …
أسمعُ ، في الهدأةِ ، منقارَينِ :
تِك ْ
تِكْ
أهِـــيَ الساعـةُ ؟
هل دقّتْ على المبنى الذي بلا نوافذَ ، الســاعةْ ؟
أمسية الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف الذي قدمه فيها الروائي والشاعر صبري هاشم في برلين، المدينة المليئة بالنشاط الثقافي ودور الثقافة والفنون هي واحدة من أنشطة متميزة يطمح منتدى بغداد للثقافة والفنون في برلين تحقيقها بالتعاون مع مؤسسات ألمانية مختلفة.