رجل كبير في السن ..قصير القامة لا يعرف الناس شيئا عن ماضيه . وكل ما يعرفونه عنه أنه أنسان بسيط مقطوع من شجرة ليس لديه زوجة ولا ولد .عيناه توشكان على الأنطفاء ..قد ظهر بينهم فجأة وكأنه نبات بري ويسكن بيتا في الجوار بني من الطين يعيش فيه لوحده.. له طقوسه الخاصة به مثلما للناس طقوسهم ..لم يتزوج البتة ولم يذق طعم الجسد الأنثوي في الصباح الباكر يخرج كعادته بعربته الخشبية قاصدا سوق المدينة لكسب الرزق… من هنا تبدأ
رحلته اليومية حيث يحمل فيها ما يتبضعه الناس ليذهب به الئ بيوتهم… لا يملك شيئا سوى هذه العربة فهي تشكل مصدر رزقه الوحيد وحين وقعت الحرب كان عيلان يفكر كمثله من البسطاء بأن الحرب لم تدم طويلا وأنها سنتهي على عجالة مثلما أبتدأت.. بيد أن الحرب التي أبتدأت ذات لحظة لم تنته الا بعيد ثمان سنوات. حيث رحل الجميع كل الى وجهته ولم يبق في الفاو سوى عيلان هذا ..ظل يعاني الأمرين ويجوب شوارعها علئ غير هدى في وقت أنطفأت عيناه تماما ولولا قوات الجيش المتواجدت هناك والتي احتضنته ومدت له يد العون خوفا على ضريز مثله من أن يهلك من الجوع أو تأتيه رصاصة طاتشة فترديه قتيلا .
وما أن رفعت الحرب أوزارها حتى عثر على عيلان وهو ملقا على الرصيف يلفظ أنفاسه الاخيره وعكازه قد رمي جانبا فجسده ما عاد يتحمل مزيدا من
الأعياء. ..زهقت روحه وانتقلت الئ بارئها كما زهقت ارواح أخرين من قبل في حرب مجنونة قضت على الأخضر واليابس… هكذا هي الحرب دائما وهكذا كانت نهاية عيلان الذي ليس له فيها ناقة ولا جملا .