_اعِدُك بجلب ما دار بيننا من حديث عن وفاة الشاعر عمر ابي ريشة، كان عدد الجريدة يشير إلى ١٩٩٠/٧/١٤
_منْ قال لك ذلك؟
_الخبر المؤكّد منِ الجريدة، ولكن أجمل ما تركه من الحكمة “_إنّ بطون السبايا لم تلد مجرماّ…….. “
_وانت ما دخلك في الموضوع؟
_كنت انظر إليه إختصاصه في اللغة ان يتفهّم ما طرحته عليه من رأى، وأن يتجاوب معي!
_كان ينظربإستعلاء إلى مهنتي المشابهة لمهنته قائلاً:. ومَنْ يكون عمر أبي ريشة الشاعر الذي تؤكّد وفاته في الجريدة؟!
_هو شاعر صرّح، ولمّح، ولو عاش الحصار لنطق عن قوافل الأطفال الذين تركوا عُلب الحليب إلى قبورهم الصغيرة!
قال محدثي:وماذا في ذلك إلى قبورهم الصغيرة.؟!
_وكيف ذلك؟
_هي دعايات الشعراء حين يقفون على الأبواب.
_اواثق انت من رايكَ؟
_دعك من شاعرك الذي حلَّ خبر وفاته، هي ايام قلائل، وسوف اودّع المدرسة، وكُتب الأدب، والشعراء؛ بل ساُغيّر قواعد حياتي في اللّغة!
اخذ يُقدّم رجلاً، ويضرب الأخرى على الأرض يعّد نفسة لتدريب وجبات تفرّعت عن سلك العسكريّة تدعو نفسها الجيش الشعبيّ، حسابات الوظيفة الجديدة رتبة واموالاً. كان صوته قريباً منّي:إنّك لم تُطوّر نفسكَ.! كنت اعتقد إنّ التطور، والتطوير، والتطورات كُلّها علاقات لغويّة يختار كلّ منّا ما يناسبه في التعبير عن تلك الألفاظ، وقد تساعد هذه العلاقات اللّغويّةمَنْ يخونهم الأسلوب في الحياة، فيسرعون إليها. امّا انا فقد وجدت نفسي تنظر إلى المفردات نظرة يشوبها الإرتياب؛ فها هو صاحبي الذي نادى على توقّف حركة التطوّرعندي. كان يقف على أبواب الفِرق الخاكيّة، ويستخدم بذلته نهاراًعند الحاجة والضرورة لتمشية أمور الحياة، ويدعوها التطوّر، وقد اكل وشرب زمن الحصار. هو يحسبنا نعيش في الظِلّ، نطوي صفحات حياتنا يوماً بعد يوم السعادة تدقُّ بابهم، والتعاسة تتوغل في شرايين أجسامنا الواهية.!
كان ينظر إليّ وصورتي؛ وكانّني هيكل من ورق تدور به الايام دون جدوى! وقد تجرّأ ان يسألني يوماً ما:هل نظرت إلى وجهك في المرآة؟ وبقيت افكّر في سؤاله، ما الذي في وجهي غير إصفراره ليس مِنْ خوف او حُبّ.؟!إنه مرض الحصار يحاصر أجسامنا، ويجعلنا ننظر إلى وردات بيوتنا، وهي تذبل على الفراش. وهوبدافع نظرية التطوير التي إستحوذت عليه وصل إلى مقاعد الدراسات العليا واضعاًنصب عينيه التطوير ثُمّ التطوير. هل صحيح إنّ نجرّب كلّ الأمور التي نجهلها إنْ كان هو لايعّد ذلك خطراً على نفسه، ودينه، وحياته طالما سيدفع ما يوجب الدفع!
وحتى البيئة ونحن ننظر إليها من زاوية مظلمة لما نتركه منْ نفايات تاكل بالبيئة ولا ترحمها، كان صاحبي ينظر إليها نجاحاً في التطور بإستخدام العلاقات التطوريّة؛ وليس العلاقات اللّغويّة إنّهُ يستعين بمحفظته في كلّ كلام يتناول البيئة؛ والتي خذلتها الحروب، والمدن الصناعيّة و سط الازقّة.!
انتهت اشهر العطلة الصيفيّة، عاد إلينا ببذلته الخاكي يطلب إنفكاكاً من وظيفة قواعد اللّغة إلى رماد حياة الخاكي ينظر لمعادلة التطوّر في زيادة دورات التطوير على المقاس الذي يرتضيه قد إضطرتّه إلى إداء التحيةلنا جميعاً.
البصرة /٢٠٢٢