علاقتي بهذه السورة الكريمة :علاقة عائلية وتحديدا علاقة أمومية ..منذ نعومة أحزاني وأنا أسمعها بصوت أجمل أمرأة في حياتي ومايزال بياض صوتها يظللني حين أسمع هذه السورة أما حين أرتلها..فأشعرني سواي ليس هذا الخطاء المثقل بحديد ألأيام وزنجار ألخيبة.. أقصد تحل بي فيوض من جمال المرأة تلك ..خصوصا قبيل الغبش أو منتصف الليل..كان صوتها يغمر البيت بحفيف أجنحة خضر فأفتح يقظتي متلذذا بزرقة حانية :تغمرني…لحظات وأتوسد حظنها …فيزودني صوتها الخفيض بأجنحة الفراشات..تغمرني خضرة آلآيات الخضلة ..كانت سورة الرحمن هي السورة ألأفتتاح بالنسبة للمرأة الشجرة بعدها تعود لتستأنف تلاوتها اليومية..ومنها لامن كتب التفسير عرفت أن هذه السورة عروس القرآن وأصبحت هذه السورة بعد سنوات وسنوات
سدرة لقائي مع ألمرأة ألأجمل.المرأة العراقية التي أحتملت فوق طاقتها وأفتقدت أولادها وحكم الطاغية عليها بألأعدام غيابيا وهي على مشارف السبعين..لكنها أستمرت في التصدي والتخفي داخل بصرة الخير..تقرأ القرآن وتؤدي فروض المحبة آلآلهية وتهرب البريد اليساري تحت عبائتها مجازفة بكل شىء دفاعا عن زهرة الرمان ..
وآلآن من منا يسطر الكلمات التالية لكن ياقارئات ولكم ياقراء..؟وهل أنا منتجها أم هي اعني المرأة الأجمل هي التي تملي علي وأنا أكتب وستكون فضيلتي الوحيدة :هي أمانة ألأملاء دون تحريف مني… ولكن بعينين
نضاختين ..
كيف تكون الكتابة؟
-2-
تشتغل أغلب سور القرآن على التضاد بين فريقين :اصحاب اليمين/أصحاب الشمال ،والجزاء الذي يناله كل فريق .
لكن في هذه السورة المباركة ،يغمرنا ألأخضر الزاهي بمباهجه وعطاياها الثرة وتكون حصة السالب :ضيئلة مقارنة بحصة الموجب..وقبل ان نلتقط شواهدنا من آلآيات لنستضيىء بها ..نتوقف عند آليات سيرورة النسق الثنائي في السورة:
تنفرد (الرحمن) انها السورة الوحيدة التي فاتحتها أسم من أسماء الله الحسنى (الرحمن): والرحمة تحتوي أزدواجي قيمي (فهي تقتضي ألأحسان الى المرحوم وقد تستعمل تارة في الرقة المجردة وتارة في ألأحسان المجرد عن الرقة …واذا وصف بها الباري فليس يراد بها ألأ ألأحسان المجرد دون الرقة وعلى هذا روي أن الرحمة من الله أنعام وافضال ومن آلآدميين رقة وتعطف ../ص 347/ ألراغب ألأصفهاني ) موقع ألرحمن :مبتبدأ وما يأتي بعده من أفعال مع ضمائرها أخبار متردافة ،جاء في سورة الطور(انا كنا من قبل ندعوه انه البر الرحيم/28) ومن القوة الفاعلة لهذا ألأسم آلآلهي ينبجس فعلان رئسيان: العلم /الخلق:
*ألرحمن :—– علم القرآن
—— خلق ألأنسان
—–علمه البيان .
فعلان يشكلان نسقا ثلاثيا كريما: .. يتكرر فعل(علم) مرتين .وفعل الخلق :مرة واحدة .وألأفعال ثلاثتها موجه من المطلق وظيفتها: تفعيل النسبي(ألأنسان) واذا كان معلنا عنه في النسق الثاني:(خلق ألأنسان) فهو المقصودب(هاء):علمه في (علمه البيان) و(مدلولا على حذفه في قوله (علم القرآن) فأنه المفعول الثاني/*حسب الزمخشري…وهنا أتساءل كقارىء هل تقديم تعليم القرآن على خلق الأنسان؟ من باب (أذا جاء نصر الله والفتح)حيث تقدم النصر على الفتح لأهميته ،في حين لايكون نصر دون فتح. ..أوتقديم الفعل لأهميته على الفاعل كما في سورة طه/67(وأوجس في نفسه خيفة…..:موسى) .؟
نسقيا من هنا يبدأ ألأشتغال على الثنائيات:
*الرحمن : — علم —- خلق
نلاحظ ان أول ما أبتدأ به الحق المطلق في هذه السورة هو النسبي/ألأنسان …الذي أعترضت على خلقه الملائكة في البدء(واذ قال ربك للمئلكة أني جاعل في ألأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء فيها ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك…/البقرة/31) هنا فعلت الملائكة نسقا ثنائيا:
يفسد /يسفك :———-: نسبح/ نقدس .
لترجح كفتها من تبئير فعلي والفعل هو نتاج أرادة فاعلة واعية لفعلها وشتان بين سالب النسبي وموجب الملائكة .ولايخلو خطاب الملائكة من أحتجاج ولايخلو من غيرة
ومن أجل أن ترجح كفة النسبي /ألأنسان ..سيخصبه المطلق لابالمعرفة المطلقة. بل بالمعرفة الكلية (وعلم آدم ألأسماء كلها/) وهي معرفة خارج حيازة الملائكة(قالوا سبحنك لاعلم لنا ألأ ما علمتنا أنت أنك أنت العزيز الحكيم/البقرة/32)..وهنا ينبثق تساؤل معرفي أليست المعرفة هي النشاط الفسلجي/ألأمتياز
والماركة المسجلة بأسم ألأنسان بأمر أداري من المطلق ذاته – ومهما تحسنت التقنيات وأشتدت مخالبها لتدجين
ألأنسان فأن ألأنسان سينتصر ولو بعد صراع مرير فادح الخسائر. (قد يهزم ألأنسان لكن لايدمر ) هذا ماتوصل له أنسان بحساسيته ألأدبية أعني الروائي (همنغوي)
-3-
تتوالى الثنائيات:
الشمس والقمر بحسبان
النجم والشجر يسجدان
*هنا نلاحظ ضمن مفهوم مخطط الحركة لدينا حركة علوية ذات مسار فلكي مقدر معلوم (كل في فلك يسبحون.لاالشمس ينبغي ان تدرك القمر ولاالليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون/يس-40) وحركة أرضية تبدأ بتقوس العالي الى ألأسفل بحركة تعبدية:سجود
أن هذه الحركة الموزونةبقدر معلوم سترفع سيرورة الآيات نحو مخطط علوي..يؤثل نظريته أرضيا في أقتصاد السوق :
السماء :رفعها
ووضع الميزان
ثم من مفردة الميزان يتشقق نسق ثلاثي:
*ألأتطغوا في الميزان
*أقيموا الوزن بالقسط
*ولاتخسروا الميزان .
كقارىء يحيلني هذا النسق الثلاثي الى سورة (ألمطففين)والتي فاتحتها آلآيات :
(ويل للمطففين *الذين اذا أكتالوا على الناس يستوفون*وأذا كالوهم أووزنوهم يخسرون*) وهذا ألأهتمام بالميزان هو أهتمام اخلاقي وأقتصادي في الوقت نفسه. ثم تتقدم آلآيات بطريقة (الفلاش باك).
أين يستعمل الميزان ومن يستعمله وماذا يزن؟،فتجيب آلآية الكريمة
*وألأرض وضعها للأنام
فيها فكهة والنخل ذات ألأكمام.
والحب ذو العصف والريحان .
نلاحظ هنا ينبجس من ألأرض :مزدوجان نباتيان
*فاكهة —- نخل
*حب —— ريحان
نلاحظ ان الآيات البينات تأخذ صيغة نسق رباعي ومحمول كل نسق يتسم بالثنائية .
والملاحظ ان النسقين ألأول والرابع :يتأثلان ثلاثيا ،وهذه ثنائية أيضا من طراز خاص .
*الرحمن : علم —- خلق—علم
*الشمس —– القمر
*النجم ——- الشجر
*السماء: رفع——-وضع
*الميزان :لاتطغوا—-أقيموا—لاتخسروا
*ألأرض : فاكهة —— نخل
الحب — –الريحان
ثم تأتي آلآية اللآزمة ،لتفند مزاعم المكذبين
(فبأي آلاء ربكما تكذبان )
من وظائف هذه آلآية في هذا السياق ،أنها الوحدة السردية الصغرى التي تقفل بها الوحدة ألأكبر منها بعد تعداد البراهين .وهذا التفنيد لمزاعم المكذبين يحيلني الى سورة الواقعة وتحديد للآيات الموجهة لأصحاب الشمال:(أفرأيتم ماتمنون (58)/أفرأيتم ماتحرثون (63)/أفرأيتم الماء ..(68) أفرأيتم النار (71)..) انه الحجاج المنطقي الذي يدمغ المكذبين .
-4-
تتوالى هرمونيا سيرورة الثنائيات
*ثنائية الخلق : ألأنس /الجان ..وأختلاف المادة ألأنتاجية لكل منهما:
ألأنسان: —- تراب – حمأ مسنون – صلصال
الجان : اللهب الصافي الذي لادخان فيه
(خلق ألأنسن من صلصل كالفخار*وخلق الجان من مارج من نار *)
ثم تتصاعد الثنائية نحو ألأبعد :
*رب المشرقين والمغربين
*مرج البحرين يلتقيان
*اللؤلؤ والمرجان
*الجن وألأنس
*أقطار السموات وألأرض
* لاتنفذون ألأ…بسلطان
*نار ونحاس
-5-
أضافة الى متواليات الثنائيات ،فأن هذه السورة الكريمة كما قلنا في البدء لاتتضمن من الوعيد ألأ نسبة ضئيلة قياسا بغيرها من السور وهي ست آيات فقط:
}(يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلاتنتصران (35)
فأذا أنشقت السماء فكانت وردة كالدهان (38)
فيومئذ لايسئل عن ذنبه أنس ولاجان (39)
يعرف المجرمون بسيمهم فيؤخذ بالنواصي وألأقدام (41)
هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون(43)
يطوفون بينها وبين حميم آن (44) { أنها آيات ست من (78) ،حيث نكون مع(72)آية وقل (72)غصنا خضلا من الهديل الذي لايتوقف عن البشائر المتدفقة صوبنا :
(فيهن قاصرات الطرف لم يطثهن أنس قبلهم ولاجان *كأنهن الياقوت والمرجان *هل جزاء ألأحسان ألأ ألأحسان )
(ومن دونهما جنتان *مدهامتان * فيهما عينان نضاختان* فيهما فاكهة ونخل ورمان *)
(فيهن خيرات حسان*حور مقصورات في الخيام*لم يطمثهن أنسن ولاجان *متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان *فبأي آلاء ربكما تكذبان*تبارك أسم ربك ذي الجلال وألأكرام*)
*البنية الفوقية للسورة : ونعني بذلك التنظيم السطحي للسورة /الظاهراتي فمن خلال تكرارآلآية الكريمة (بأي آلاء ربكما تكذبان )تتوفر لدي كقارىء منظومة شبكات تيسر لي اعادة أنتاج النص القرآني من خلال محاولتي في ألأقتراب من أخضراره اليانع وتتمركز آلآية المتكررة بوظيفة:ألضابطة للأتصال ،التي يوظفها المتكلم حتى يصغي أليه المخاطب – حسب الناقدة(كيربرات ازركيوني)*
* أتصالية ألأحالة التكرارية: تكرار آلآية (فبأي آلاء ربكما تكذبان) ،تحيلني لسورة (المطففين ) حيث تتكرر(كلا) في مطلع أربع آيات ،لدحض المكذبين ،كما أحالتني في البدء الى الواقعة من تكرار خلال(أفرأيتم…)..
-6-
هل كنت وفيا لسورة الرحمن وأنا أستهدي بها ؟
أنا لاأملك ألأ راحتي..اذن علي أن اغمض عيني لأرى
رؤيا القلب لارؤية العين ولارؤية العقل..
وأنا(لست أعمى لأرى) .
أنا ثمل وأنت مجنون فمن يوصلنا لبوابة المنزل ؟
من ….لبوابة المنزل؟
من ..يامولاي السهروردي؟