في تل ابيب لا تجد شئ تفعله يوم السبت. ظهيرة الجمعة ، ذهبت للوكالة السياحية لحجز رحلة للغد. أين أذهب ، سألت نفسي ،القدس ،لا ، لا ، أريد مكان هادئ به بعض نسمات الهواء.
سألني العامل بالوكالة ، ما رأيك في عين جدي ؟
صورة الدعاية أمامي ، بها شاطئ جميل ، فأخبرته ، لا أريد شواطئ ، انا جلدي ابيض ،حساس من لسعات الشمس ، لا أريد حمام شمسي.
_ لكن الناس لا تذهب هناك لحمام الشمس ، بل للبحر الميت ، الكل يزوره.
_ لماذا الجميع يذهب للبحر الميت ؟
_ لكي يطفو.
_ قصدك يسبح.
_ لا ،لا ، يرقد على ظهره في الماء و يطفو.
تذكرت معلمة الجغرافيا عندما شرحت لنا، إن البحر الميت ملئ بالملح ، لا يجعلك تغرق ، تطفو ، تطفو فقط.
_ حسناً ، سأذهب ، إنها تجربة مختلفة.
في الصباح التالي ، بالحافلة ، المنظر جميل بين تل ابيب والقدس ، الطريق به بعض الخزانات الصدئة.
انتهينا من طريق القدس ، لطريق اخر صحراوي ، فتفكرت ، ما هذه الرحلة؟ ، خزانات صدئة، طريق صحراوي ، و بحر ميت. المنطقة ليست خاوية تماماً ، بعض الاولاد الصغار ، بملابس بالية ممزقة ، يرعون قطعان الماعز ، ولا يكترثون لحافلتنا أو للطريق.
وصلنا عين جدي ، دخلنا مبني كبير ، به غرف لتغيير الملابس.
تمنيت أن لا أعود من هذا المكان أبداً. لكني شعرت بالحزن علي الصبية الذين كانوا يرعون الماعز في الصحراء.
غيرت ملابسي بعد خروج الناس ، كنت خجول من لون جلدي الأبيض كالحليب. ذهبت نحو المياه ، الشاطئ مزدحم ، عائلات وأطفال.
ياخذون الطمي الاسود ، و يغطون به أجسادهم ، ثم يذهبون للمياه. لم أصدق عيناي ، لماذا يفعلون ذلك ، أنه جنون .
شعرت بالمرح ، و أخذت اغطي جسدي مثلهم. الطمي ناعم كالزيت ،و رطب علي الجلد ، حاولت أن أضع علي ظهري ، لكن فشلت، يا له من محزن أن تكون وحيداً. جاءني صوت من خلفي.
_ ماذا تفعل ؟
نظرت ، أنه رجل أسود ، طويل ، لهجته أمريكية ، عرفت أنه جندي يقضي اجازة هنا .
_ انا اغطي جسدي بالطمي ، الكل هنا يفعل ذلك.
_ انا اري ، لكن لماذا ؟
شعرت بالغباء ، وقلت له ربما مفيد للجلد.
_ حسناً، سوف اغطي جسدي.
أخذ الطمي و بدأ في تغطية جسده.
_ مازال اجزاء من ظهرك لم تغطي.
_ و انت أيضاً.
ساعدنا بعضنا بعضا ثم نزلنا للمياه ، نصحته ، لا تحاول أن تسبح ،لا تضع وجهك في المياه ، فقط تمدد علي ظهرك. معلمة الجغرافيا كانت على صواب ، تمددنا علي المياه فطفونا.
كنا جسدان متشابهان بهذا المعطف الطيني الاسود ، وكنت سعيد بجسدي الاسود ، أحسست أن العالم أكثر سلاما.
نظر إلي صديقي مبتسماً ، وقال لي الاسود يليق بك ، ضحكنا ثم أردف : ربما لا تستطيع خلعه ، فيسبب لك مشاكل عديدة.
_ الأوقات الجميلة تنتهي بسرعة.
فتحت عيناي بصعوبة ، الشمس ساطعة و أشعتها قوية، فوجدته يغتسل من الطمي ، اغتسلت انا أيضاً ، ذهبنا لغرفة تغيير الملابس ، عدت أنا ابيض الجلد مرة اخري، وهو مازال أسوداً.