تعالتْ اصواتُ
القادمينَ والمُغادرينَ …
من المسافرين
وخُطواتُ الغرباءِ
تعجُّ بنغمات قلبٍ حزين !
وجوهٌ شاحباتُ …ذاهلاتْ …
كأنها نغمٌ عجيبْ
في ذلك المطار الغريبْ !
فكم طافَ قبلي من غريبْ
ولاجئ مُهَجَّرٍ مسكين
في متاهات ذلك المطار الكئيبْ
فلم يرَ سوى الضباب !
و في المجهول البهيم غاب
ونُسيمات الهواء اللافح …
تعبثُ بوجههِ في فتور واكتئاب !
وهو الضائع في دروب التيه والغُربة
يظلُّ يَهُمُ بالرحيل
من ذلك المطار الغريب !
وقد رأى من خلال الاضواء الخافتة
تلك المناديل الحيارى …
وهي تومئ بالوداع
وعيون تشرب الدموع الثقال
وقلوبٌ تُخضّبُها دماء القهر والضياع
وجوهٌ باهتة تُضيئها الانوار
تخبو ، وتسطعُ ،
ثم تُحجَبُ عن الانظار
******
الليلُ والمطارُ الغريب …
وغمغماتُ العابرين
وخطوات اللاجئ المُهَجّر المسكين
فمتى أيتها الشموع ستُوقدين ؟!
أ في المستقبل المجهول …
أ في النهار الذي قد لا أبصرِهُ عما قريب
قبل أنْ القى العذاب والفناء !
وطني صار حقلا تُجمِعُ الغربان السود !
في ارتخاء مساراتِ الخريف …
وتذوي هِمَمُ إخوتي في الوطن الجريح
كأوراق الشجر تحت أشعة الغروب !
فمتى ينبلج لنا الزمان ؟!
عن يدٍ ينتشلنا من الفقر والجوع و الضياع
والتشرد والطائفية
والقتل على الهوية
ووجهاً صبوحاً يُشرقُ في الظلام
يظل يبتسم في وجوه الكادحين
يُظلِلهُم الحبُ الخالدُ بلقاءٍ دون وداع !
دون جهلٍ أو بكاءٍ أو أنين
كي نحلم بالغدِ الوضّاء!
دون يأسٍ وخنوعٍ
ولو بعد حين !
فما زال قلبي في الوطن يحبو وئيداً …
*********
أسيرُ وحدي في المتاهات لا رفيق
والاشباحُ تعترضُ طريقي كالذئاب !
لسوف أمضي عن وطني المضاع
أنا سوف أمضي نحو الغد المجهول
فآترُكيني يا أُمي …
سألقى وطني هناك
عند المغيب !
فاحتضنَتْني أُمي وهي تصيحْ
( لن تسير ) !!!
إبقَ هنا يا ولدي !
الى أين تمضي بين أشداقِ الذئاب
ستضيعُ في الدرب البعيد
فجاوَبَتْها سوف أمضي راحلا
عبرالمحيطاتِ والبحار …
ما دام في قلبي الحنين الى السراب !
والثعالبُ تعوي من بعيدٍ / بعيد …
تقول لي : هل أنتَ الذي تهوى
الوطن وتُريد ؟!
سألقاهُ حتماً
هناك حيث يُخفيهِ الضباب !
كالشمس والماء …كحُلم الشباب !
****
أنا وطنكَ أيها اللاجئ المُهَجَّرُ المسكين
لكَ وحدكَ غير أني لن أكون !!
لكَ انتَ … وهُم ورائي أسْمَعَهُم يلعنون
أكادُ أسمَعُ دعوات أمي الثكلى …
وهي تقطعُ أوتار قلبي الحزين
كالحُلم الحبيب
وهي تولولُ عليَّ وتبكي …
أيها المُهَجَّرُ الغريب !
إني سأكون إبناً آخراً لغيرِها
بيد أني سأبقى أسير
في متاهات الدنيا كعبدٍ أسير !
دعيني أسلكُ الدربَ البعيد !
حتى أرى مستقبلي في إنتظاري
حتى ولو كان بين أشداقِ الذئاب
ستكون حياتي هناك أحلى وألذّ
من الذوبان قهراً في قواقع الفساد
والشرِّ وأوكارِ الكلابْ !!