صدر للشاعر اللبناني شوقي بزيع عن دار مسكيلياني كتاب جديد بعنوان «زواج المبدعين»، ويتناول هذا الكتاب حياة اثنين وثلاثين ثنائيًّا زوجيًّا من أشهر المبدعين، لعلّ أكثر ما يستوقف القارئ المتأمّل في سِيَرهم، هو أنّ معظم العلاقات التي حاولت أن تُحلّق بجناحَي الحُبّ، وشغف الاتّحاد بالآخر والتّوق إلى المطلق، قد تحطّمت في ما بعد على صخرة المؤسّسة وتبعاتِها المرهِقة. وقد تكون الأعباء الماديّة هي الجانب الأقلّ وطأةً من هذه التبعات، بينما يتوزّع الباقي بين اختلاف الأمزجة، ونزعة الامتلاك، وتصادم الأفكار والقناعات، وتقلّص مساحة الحريّة.
على أنّ هذه الإشكاليّات تأخذ أبعادًا أكثر احتدامًا لدى الكتّاب والمبدعين، الذين يحتاج كلٌّ منهم إلى كامل المساحة المكانيّة الّتي يشغلها، وكامل الفضاء الذي يحيط به، وكامل الهواء الذي يتنفّسه. فلا غرابة أن يكون المبدعون على نحوٍ عامٍّ عشّاقًا ناجحين، لأنّ الحبّ في عمقه يتغذّى من الموادّ نفسها التي تغذّي الإبداع، وفي مقدّمتها الغياب والمسافة وعواصف الدّاخل وكثافة الزّمن ومتعة الاكتشاف. وأن يكونوا في المقابل، عدا استثناءاتٍ قليلة، أزواجًا فاشلين، لأنّهم كائناتٌ شديدةُ النّزق والتطلّب، وغيرُ قابلةٍ للتّدجين. وهو ما يظهر جليًّا عبر معظم الثّنائيّات التي تناولناها بالدّراسة والتي أفسدها التّنابذ والخيانة والنّرجسيّة الفاقعة والعنف الأسريّ، فتوزّعت مآلاتها المأساويّة بين الانفصال والطّلاق والقتل والانتحار وارتياد المصحّات.