في عالم تتشابك بهِ النواقص في الحياة…تتعالى ضحكات…يتعالى صراخ …وبين هذا النقيض تذكرتُ مجئ كامل ليعيش في أحد الفنادق
غرفه مرطوبه وجدرانها تعبت من أثر قدم البناء ..لا يوجد في الغرفه سوى سرير من الحديد وفراش مر عليه أكثر من جسد في السكن ا ..لكن كامل كان مجبراً للسكن بعد ما ترك بيت الايجار ووفاة أمه رازقيه وزواج اختهِ منى في غير محافظه ..كامل كان عامل بناء ومصروفه اليومي يقضي في شراء السجاير والطعام..لم يتزوج رغم كبر سنه …كثير ماارادت امه رازقيه ان تجد لهُ بنت الحلال لكنه كان دائماً يرفض ويمتنع من الارتباط..
المهم دار بهِ الزمن ليكون نزيل الفندق في المدينه صباحاً يقضي وقت مع الاسطوات والخلفات في البناء ويلعب معهم الدومنه لكنهُ يكثر من شرب السجاير اخذ يكثر من (الكحه) في الاونه الاخيره حتى نصحهُ صديقه سالم بأن يذهب للمستشفى القريب ليفحص صدره..لكن كامل كان دائماً مهمل في هذا الجانب…وذات يوم وهو في سريره في الفندق كثرة كحة كامل وأصبح يسمعهُ النزلاء في الفندق ..حتى اخبرو صاحب الفندق بأن يذهب ليطمئن على وضعه ..وفعلاً ذهب الحاج مصطفى ومعهُ عدد من النزلاء إلى غرفة كامل ليجدوه ساقط على الأرض وتنفسهُ صعب ..حالاً نقلوه للمستسفى وتم فحصه وطلب الطبيب ان تؤخذ لهُ صورة اشعه لصدره ..وتم ذلك واتضح أن كامل مصاباً بالتدرن الرئوي..كتب له الطبيب ان يرقد في المستشفى ويصرف له العلاج اللازم…رقد كامل ومعهُ أحد الأصدقاء لغرض مساعدته..
أيام مرت وكامل يتلقى العلاج في المستشفى وحالتهُ تزداد سوءاً كون المرض كان مزمناً ولم يشعر بذلك ..
في ردهة المستشفى تتعالى ضحات لشفاء مريض وبالمقابل بكاء وعويل لفقدان عزيز ..كامل يتفحص المنظر بعينيه المحدقتين نحو الراقدين كونهُ لايتكمن من الكلام بعد ان اشتد بهِ المرض وأصبح يقول لصاحبهِ المرافق معهُ سيكون مصيري ذات يوم مثل هؤلاء الناعين عليهم اهاليهم ..لكني لا يوجد لي أحد فكل اهلي أصبحو في عداد الموتى…
صديقهُ يهون عليه وكثير ماكان يردد معه ..ازمه وتعدي ياكامل …
مرت ايام وتعدى شهر على رقود كامل في المستشفى..واصدقاءه من الاسطوات لم يقصروا في زيارته ومعهم مايسد رمقه من الطعام..لكنهُ كثير ما يطلب منهم أن يأتو له بعلبة سجاير خفيه كون مشتاق لشرب السجاير ..لكن الطبيب يراقب الموقف ويمنع ذلك…
ذات يوم جاء ابن حاتم المرافق لكامل في المستشفى وقال له بابا امي تحتاجك في البيت …فأخذ رخصه من كامل وأوصى عليه من في قربه للسرير وذهب خاتم مع ابنه الصغير ووصل البيت وكانت زوجته قد احتاجت حضوره لأمر هام …وبقى حاتم ذلك المساء في بيته حتى الصباح، عاد في اليوم التالي للمستسفى ليتفقد صديقهُ كامل …ومن بعيد شاهد عربة نقل الموتى تقف في بوابة الردهه..اخذ يشعر بالخوف على كامل وظن ان هناك شخص ما قد فارق الحياة ..لكن عند وصوله شاهد الجميع في دهشه وسكون دون بكاء وسأل اين كامل فأخذو يشيرون بأيديهم نحو عربة الموتى.
…مات كامل دون بكاء من أحد كون لا احد ينعى كامل من اهله…حتى صاح حاتم بأعلى صوته باكياً … ياكامل يا صاحبي …لماذا ترحل دون أن اودعك..
مات كامل وهو يفتقد كل شي في الحياة ..ماتت معه أحلامه.. مات جوعه المزمن وانتهت بذلك حلقه من لغز الحياة العجيب…