حين يدور في خلدك الحديث عن هامة أدبية سامقة كما هو لسان الوقت وأنا ادرخه بكلماته المتعثرة وصوته المبحوح في محاولتي البائسة للحديث عن أبينا الروحي أستاذ دكتور عبد العزيز المقالح أجد رهبة ليست عادية كيف لمثلي أن يلم بمقامه وهيئته ومكانته ليست وليدة اللحظات علاقتي به منذ بداية التسعينات إن لم يكن قبلها وأنا اسمع عنه من أخي مدير مدرستي
حيث كنت أعبر لهم عن حبي للغة العربية ورغبتي في دراستها والتوسع في عوالمها فكان يمنحني كلما يبعث في نفسي الرغبة في البحث والتحري عمن سيكون قدوتي في هدفي صحف تلك الفترة التي كان يحرس على أن يأتيني بها كل يوم في دراستي الجامعية وكنت أجري بين صفحاتها وكان الحياة فيها لاتكون إلا في صفحة الأدبيات التي كنت أجد فيها صورة الدكتور عبد العزيز ومايكتبه من أطروحات أو نصوص فاقرأها وأنا أتابع كلما يقوله ثم يحدثني أخي تابعيه لوأردت فعلا أن تكون كاتبة ظلت تلك الصفحات ترافقني سنوات دراستي وبعدها حيث كنت احتفظ بكل صفحة فيها مقالة أو شعر للمقالح لكنني في السنة الرابعة التقيت به واقعا كان يعلمنا لك أن تستوعب أن يكون حلمك حقيقة ماثلة أمام عينيك
نعم كانت مادة الأدب الحديث هي مهبط الخير لروحي لالتقي ذلك الكبير الذي اكن له الحب والامتنان من خلال كلماته التي كنت أقرأها دخل علينا في أولى محاضراته وكأني بحلم اسمع صوته الهادئ وهو يتحدث إلينا ليسرد لنا ماسنأخذه خلال الترم عن الأدب الحديث مفهومه نشأته تطوره أعلامه و كلنا نصغي إليه ونحرص على التقاط كلماته بصوته الحنون والهادئ كانت تلك الأيام التي نتجشم فيها عناء الذهاب للآداب من أروع أيامي الدارسية لأنها تجعلنا نلتقي بذلك القلب الكبير الذي كان حريصا على الجميع يحدثنا عن المستقبل والوعي وأننا أساس ذلك المستقبل ولن ينهض بالشعوب سوانا بالعلم بالوعي بالقراءة الدائمة ظلت كلماته محفزا قويا يمنحني الهمة لمواصلة الطريق للقراءة للبحث للتقصي أتممت دراستي وعدت للقرية وأنا أحمل الكثير من الحكايات عنه وعن مشواري الجامعي أسعد بها والدي الذي كان يفرح كثيرا حين أسرد له موضوعا لم يعرفه من قبل حين أقرأ عليه نصا من نصوص الدكتور ليدعو لي أن استطيع الوصول لتحقيق حلمي وهو يسمع خربشاتي التي كنت أكتبها لكنه رحل ولم ينتظر تخرجي ولم أسرد له حكاية واحدة من حكاياتي تزوجت وطحنتني الحياة بين فكيها وانشلغت بما صرت إليه من مسؤوليات ولكثرة ماكان علي القيام به فكنت أحدث نفسي متى يأتي الوقت الذي أكون فيه أنا لم أنس القراءة ولم أترك الكتابة وأن اختلف منحاها ظلت نصائحه عالقة في ذهني وكأني فقط انتظر الوقت المناسب
وحين عدت إلى صنعاء بعد عقد من الزمن وأصبحت متفرغا نوعا ما لي كان ذهني عالقا في مكان واحد هل بإمكاني رؤيته والتحدث إليه
وهل قدمت شيئا استطيع أن اضعه بين يديه فكلما أكتبه لست راضية عنها أشعر أنه ناقص وباهت كيف يرقى لشيء يقدم ليقرأه دكتور بحجم المقالح رغم معرفتي لأبوته وتشجيعه للكثير من المبدعين وكم كنت أتمنى أن يضمني مجلسه الذي كانت مفتوحا لكل من طرق بابه فكانت زيارته مثابة هدف وأمنية أود تحقيقها
ياالهي كم مضى علي منذ رأيته؟ وكيف كانت سعادتي برؤيته؟ لازال كماعهدت ذلك القلب المحب المتواضع عرفته بنفسي وحدثته أني كنت من طلابه وأني أتيت إليه اليوم لأريه ما أكتب
فيرد علي أنه يسمع عني أني أكتب بصورة جيدة لأسعد بكلامه ثم يقول لي لاتقفي في مكانك عليك أن تنشري ماتكتبين في كل مكان لاتتوقفي كلماته تلك زاتني بهجة فعبرت له عن امتناني محبة واعترافا بفضله ليس من اليوم بل منذ زمن بعيد وشكره زوجي وخرجت من عنده وأنا أحمل الدنيا كلها بين جنبي هكذا هو الدكتور عبد العزيز المقالح مع الكل دون استثناء متواضعا محبا ناصحا داعما
لم يمت لأنه تاريخ والتاريخ لايموت
لم يمت لأنه منحة السماء والمنح لاتنتهي لم يمت لأنه ترك أثر سيخلده عبر الأزمنة سيظل في أرواحنا ماحيينا لأنه كان إنسانا عظيما وقامة لايشبهه أحد