The Mad Woman.
Guy De Maupassant.( 1850 : 1893 ).
قال السيد اندولين لبعض أصدقائه ، و هم مجتمعون فى غرفة التدخين ، إحدى غرف قصر بارون دى راڤوت ، سوف احكى لكم حكاية مريرة عن الحرب الفرنسية الألمانية. أنتم تعرفون إن لى بيتاً فى مدينة كورميل ، كنت أعيش فيه عندما أتى الألمان . كان لدى جارة عندها نوعاً من الجنون . أصبحت بلا حس بسبب عدة احداث مأسوية متتالية . فى سن السابعة و العشرون فقدت الأب و الزوج و طفلها حديث الولادة ، كلهم خلال شهر واحد .
عندما يدخل الموت إلى بيت ، يتجول فيه ، كأنه يعرف المكان . ناحت المرأة الشابة كثيراً ، بحزن شديد ، جعلها طريحة الفراش لمدة ستة أسابيع . ثم تخللت هذه الأزمة العنيفة بعض من ذرات الهدوء ، لكنها مازالت بلا حركة . جاورها فقدان الشهية ، تحرك عيناها فقط . كل مرة يحاولوا إيقاظها ، تصحو صارخة ، كأنهم يحاولون قتلها . فى نهاية المطاف تركوها بالفراش ، يأخذونها للاستحمام فقط من حين لآخر ، و يرجعوها إلى الفراش مرة أخرى.
خادمة عجوز ظلت معها لكى تعطيها شربة ماء أو شيئاً تأكله حينما يتوفر ذلك. أى صور سوداوية أو أفكار تراود هذا العقل المكتئب ؟ لا احد يعرف ، لأنها الان لا تتكلم مطلقاً. هل تفكر بالاموات ؟ ام تحلم بحزن دون أن تستدعى ما قد حدث ؟
ذاكرتها أصبحت راكدة مثل المياه ، ليس بها أدنى موج . ظلت بهذه الحالة لمدة خمسة عشر سنة ، خاملة و منعزلة .
اندلعت الحرب ، و أتى الألمان فى الشتاء القارس ، فى أول ديسمبر ، إلى كورميل . استطيع أن أتذكر هذا كأنه حدث بالأمس . كانت البرودة شديدة ، تفلق الحجر إلى نصفين . انا ، نفسى ، كنت متكئ على كرسى مريح ، غير قادر على الحركة بسبب النقرس ، عندما سمعت خطوات الجنود ، الثقيلة ، الرتيبة ، يمرون بجانب نافذتى . تدفق الجنود إلى الشوارع كالمياه ، فى حركة غير مألوفة مثل عرائس المسرح المربوطة بالخيوط . الضباط عينوا الجنود و قسموهم على بيوت الحى . كان نصيبى سبعة عشر منهم ، جارتى المجنونة كان لها أثنى عشر منهم ، أحدهم قائد عنيف ، متعجرف .
فى بداية الأمر ، مرت الأيام طبيعية . الضباط في البيت المجاور تكلموا عن السيدة المريضة ، و لم ينشغلوا بهذا كثيراً. هذه المرأة التى لم يطعموها ، قالوا انها ماتت فى الشتاء ، و لم يهتم احد بتفاصيل ما حدث . انا الوحيد الذي فكرت فيها باستمرار ، ماذا فعلوا بالمرأة ؟ هل هربت إلى الغابة ؟ هل وجدها أحد و نقلها إلى المستشفى بدون أن يعرف عنها أى معلومات ؟ . اخذت وقتاً تمتلكنى الظنون و الأفكار ، لكن مع الوقت هدأت مخاوفى .
فى الخريف ، كان دجاج الغابة كثير بوفرة ، و بينما النقرس تركنى لفترة ، جرجرت نفسى إلى الغابة. اصطادت أربعة أو خمسة طيور. سقطت واحدة فى حفرة مليئة بالاوراق و الأغصان الجافة ، ذهبت لكى التقطها ، وجدتها بقرب عظام جسد بشرى ميت . فى الحال استدعى عقلى المرأة المجنونة مثل ضربة على الصدر . ربما كثيرين ماتوا فى الغابة ، فى هذه السنة السوداء. لكن بدون أن أعلم كنت متأكد و متيقن أن أخبرك أننى رأيت رأس هذه المرأة. فجأة فهمت و خمنت كل شيء ، أنهم طردوها إلى الغابة الباردة المنعزلة. تركوها تموت تحت الثلوج بدون أن تحرك يداً أو قدم . نبشتها الكلاب و الذئاب ، و الطيور حاكت أعشاشها من الصوف الممزق من ملابسها. اخذت عظامها و اهتممت بها كما يليق . كنت فقط أصلى أن أولادنا لا يروا أى حرب مرة أخرى .
——–
* إسم القصة من اختيار المترجم.