حين سَمعنا الخبر أصابت ايدينا الرجفة. جحظت عيوننا، تجمّدت اقدامنا تحّول الصمت إلى تفكير وتحوّل الآخر إلى نظرات وممرات. هل يعقل أن تكون الجائزة لي؟
قال آخر :بل هي لي وبعدها ستأخذ سلسلة العشيرة والفخذ.
قالت أخرى :لماذا لا نجعلها للنساء فقد ضحيّن باساورهّن وحليهّن حتى حصلن على السواد الذي يلفهّن.
صاح آخر :انتّن كُنتّن في غاية السذاجة بعدما دخلنا نحن مرحلة التدجين!
_كُنّا نحافظ على الجنس البشرى ّ ان ينقرض في أرض السواد.
_كُنّا اطفالاً نعيش بعقل الكبار.
_بل كُنّا اطفالاً نعيش بعقول الكبار..
اسرع الصباح الذي ليس فيه الوّد والورد على الأرض، ولكن كيف يقنع أهلها وهم متذمرّون، متعبون يحسبون لقمة الغد، ويتحسّبون لموت الحروب التي لم تنقضِ حين دخلت المدن متسرّبة مِن القصبات.
لم يكن ذلك الصباح سعيداً على الرؤوس الموزّعة حين كشفت الغمامة عن مطر يتساقط أوان القيظ بعد شِدّة الغيظ مِن أفواه ارض السواد تحرّكت الأقدام المتجمّدة، استقوت الأيدي، أصابت العيون حِدّة النظر كالصقور التي على المراسيم يعرفها الكبار عند التسليم وعرفها الصغار في الأفلام المتحرّكة.
_ما الخبر؟
_ما الذي يحصل في ارضنا.؟
_تعلمون إنّ مطر الأرض سدّ شقوق الأرض بعدها سيكون امر سنحاريب بإنشاء حديقة واسعة.!
_تعلمون أنّ الأرض عندما احتاجت إلى السماء كان كالكامش يراقب الآلهة التي تعاود الصعود إلى السماء!
_تعلمون حين جفّ الحُبّ على أرض الحُبّّ عادت عشتار بالزهور، والخواتيم إلى العذارى.
_تعلمون…. و تعلمون بقدر ما تجهلون مِن سنوات العمر. مجرّد رغيف وإناء ماء.
_لماذا جئت بسنحاريب وكالكامش وعشتار؟
_انّها مِن فعل صندوق الاسماء الدّوار افرز هذه الأسماء!
_جائزة نوبل على الأبواب قادمة.
_على أرض السواد!
_اجل وإنّها آخر الجوائز!
_هي ما سيُوزّع على واحد منهم.
_هي جائزة جامعة لحشود البشر في المعمورة.
_احدهم:مَنْ نوبل هذا؟
_آخر :لسْنا بحاجة إلى الجوائز ورغيف الخبز أصبح بعيداً عن التنّور.
_أُخرى :مَنْ نوبل هذا، ومِن أيّ مِلّة حتى يمنحنا الجائزة؟
اصاب الأرض الهرج، تقافزت الارجل باقدامها الغليظة، تشابكت الأيدي بلوي الأصابع، العيون الجاحظ نحو البندقيّة بين الفِرضة والشعيرة تحيا الكلاشنكوف، يموت الوعي مِن ادمغتنا دخلت الأرض مزالج الحروب، وماتت النجوم الساقطة عند أول طلقة ناطقة على أنفسهم، أنفسنا، الأنفس، النفس. أصبحت حاّسة الشّم قويّة معطرّة بالدولارات المتروكة عند قارعة الطريق.
يتقّدم نوبل الجديد زمن النظر فوق نظرات زرقاء اليمامة ليعلن عن جائزته.
_سنحاريب احقّ بها لانّه أنشأ حديقة الجنائن.
_كالكامش احّق بها لانّه أراد الخلود بعد عناء وزيادة في الحروب.
_عشتار احقّ بها لانّها زرعت بذور الحُب.
لم تجد الأرض غير الأقدام التي زحفت على الشوارع، وقد بحّت اصواتها على مرآى المتلفّعات يختبرنَ رجولة الشوارع التي تصرخ مِن الأقدام الغليظة.
_ما الذي يحدث؟
_الاوّل :هي انباء عن تحرير ما بعد النكسة.
_الثاني :هذه الأرض ممر إلى تحرير هيكل سليمان.
_العاشر: يعني الجائزة ستكون لنا!
_اهل المعمورة :هي… هي حصّتنا الجائزة.
حلّ خبر توزيع جائزة نوبل بعد مخاض للنفوس التي عفرت التراب، وارهقت الأرض مِن أقدامها.
كان قرار الجائزة هو التالي :نظراً للمواقف التي عبّر عنها اهل المعمورة في إظهار عضلاتهم وأجسامهم إلى حدّ التطابق، وتثميناً لصوتهم المبحوح واقدامهم الغليظة في نقص الوعي عنهم، وبمناسبة مرورعقود كثيرة مِن ذكرى نوبل وجائزته التّقديريّة اشّرنا بما يدعو إلى اليقين مِن شّك الفلاسفة العرب في العلة والمعلول ودخول الكون الحروب المتوقّدة مِن عقليّة نوبل في القضاء على النوع البشريّ. إنّ اهل المعمورة ممن يباركون بالبخور في طرد الأشباح. هم الفائز ن بجائزة نوبل للدمار وتقديراً لاستخدامهم البارود المصنّف على الهوى والهويّة فهم احقّ بها مِن سائر اهل الأرض، وهم المتفوّقون وعُذراً للتأخير عن السنوات المتآكل مِن زمن الحروب في عدم تقديركم اللامنتهي مِن شعوركم بأهميّة البارود في التبرّك به، والمباركة في إستخدامه عند مَنْ يملكون ثقة الحياة اكثر مِن ثقتهم بأنفسهم.
… البصرة.. /٢٠٢١