تنطلق الفكرة، من مجرد تخمين، أو طرح تساؤل، هل وجد الإنسان ليكون فقيرا، محروما من أبسط الحقوق؟ لا يجد قطعة خبز تسد رمق جوعه، إلا بشق الأنفس، قد يحشر أحدنا أنفه، في بوثقة الاحتكام إلى القدر، فالفقير على هذا المنحى وجد فقيرا، منذ الأزل، رغم ما يحيط به من خيرات، تفتك بها أصابع المتغولين في كل بقاع الأرض، هكذا يقتنع الأغلبية من الفقراء ، ويظنون أن الفقر هو تحصيل حاصل، في حين أن الخيرات، وجدت ووضعت لأجل الناس جميعا.
تحملق الأعين إلى الأعلى، متمنية أن يكون لها نصيب مما كسب الآخرون الجشعون، وتتوسل لأن يجود عليها أهل التغول بفتات من تلك الخيرات، بالرغم من أن حقهم يدخل ضمن ما يتمتع به ذوو البطون التي لا تمتلىء بسهولة، تدور الأعين، وتبلغ القلوب الحناجر، لعل يدا عالية تتدلى إليهم بشيء مما يدخل السرور، والفرح على أبنائهم المحرومين، هذا الأمر الذي يرجعه الأكابر إلى خطإ شنيع وقع فيه الفقير، فليس من حقه في _ نظرهم _ أن يحب، ولا أن يتزوج، ولا أن ينجب نهاية.
إنه هو الخطأ بعينه الذي يقع في قعر فكر الفقير، فلا هو بقي في العدم، ولا هو بقي أعزبا يتجرع مرارة فقره وحرمانه لوحده .
ويبقى الفقر جاثما على الصدور، بنسبة مرتفعة جدا عبر المعمور، ولا يستطيع الغني أن يرحم المحتاج وذا الفاقة، بحجة أن أغلب الناس،
لابد لهم من تجرع مرارة الفقر، والاستمتاع بنشوة سكراته.