ذهبتُ مع أصدقائي الجمعة الماضية إلى المقبرة، لكي نزور قبر مرسلي، صديقنا القديم.وقد كان الجو ربيعياً معتدّلاً …
لقد مضى على عودتي إلى مدينتنا الصغيرة حوالي الأسبوعين ، لذلك فكرتُ في أن أتي قبر صديقي الراحل أتلو عنده آيات من القرآن لكريم ….
استحسن أصدقائي الفكرة وشكروني لأنهم نسوا تماما أن لهم صديق أثير مدفون في المقبرة!..
كانت القُبرات تحط هنا وهناك ، على طول الطريق الترابي المؤدي إلى الجبانة ،وقد اخضرتْ الأرض على جانباه …
وفي طريقنا كنا نشيدُ بالراحل الذّي توفي مبكراً ،اذ لم يتجاوز الخامسة وعشرون من عمره ، توفي بسبب المرض الخبيث ، رغم أنه كان لاعب كرة قدم لامعِ ورياضياً ماهراً ، يُواظب على تمارينه البدنية كل مساء ،وطالما جلسنا على مدرجات الملعب البلدي نشاهده ،وهو يقفز كالغزال ،يركض بسرعة كالفهد ، ويخطف الكرة المستديرة من خصومه كالصقر!…
كان يحبني ويحترمني وجعل مني اقرب الأصدقاء إلى قلبه…
، كثيرًا ما كان يدعوني إلى بيته لوحدي ،أو مع زملاءه في التدريب فنجلسُ في الصالة نأكل، نشرب ونثرثرُ حول الرياضة والفتيات والامتحانات المدرسية…
وكان يتعجبُ، بل يعتقدُ جازماً بأني انتمي إلى عائلة بخيلة !فاني لم أدعوه ولا مرة إلى منزلنا، فهو يعرفُ أن والدي فقير، لكن هل هي فاقة لدرجة أن لا استطيع تقديم إبريق قهوة وقطع بسكويت؟…
لكنه لم يقل شيئا، وإنما كنتُ اقرأ ذلك على ملامحه كلما نفترقُ عند الحي الذي اسكن فيه…
وقفنا عند القبر…
وتحركتْ شفاه كل واحد منا بالدعاء وتلاوة سور أو آيات من القرآن الكريم…
مرسلي صديقي العزيز… لازلت أتذكرك.. وهل استطيع أن أنساك ؟…