( اين ايام الحناء ؟! ما أجمل ان تكون الايام حناوية لماذا تكون الحناء يوما واحدا في العمر ينقضي باقي العمر دون ان يدري يستطيع الانسان الإمساك بأيامه إذا اراد فإذا لم يرد فالقناعة كنز لا يفنى )
يثير عنوان النص ذلك التساؤل البديهي ، لماذا يوم واحد وليست ليلة ؟!
اسس الكاتب قصته على الحناء موتيفة شعبية لها مكانتها في منظومة العادات والتقاليد
لقد اعتاد العقل الجمعي وفي عاداتنا الشعبية ومعارفنا انه حين تمارس الجماعة الشعبية تلك العادة المرتبطة بالفرح فإنها عادة ما تستخدم كلمة (ليلة )الحناء دليلًا على الاحتفال والسهر والبهجة ؛ فاليوم يبدأ منذ شروق الشمس حتى غروبها بينما الليلة تبدأ من غروب الشمس حتى شروقها و الليل دائمًا ما تقام فيه الاحتفالات
ليلة الحنة وهي ذلك الطقس الاحتفالي الذي يصاحبه غناء وموسيقى ورقص وسمر والازياء المبهجة والعنصر الرئيسي في ذلك الاحتفال هو الحناء تطبع على ايدي العريس والعروس كلا في احتفال منفصل الرجال لهم طقسهم وكذلك النساء استعدادا ليوم الزفاف
فالحنة طقس موغل في القدم ذُكر في اساطير القدماء اسطورة ايزيس واوزيريس ومازال هذا الطقس الاحتفالي يقام حتى الان وبشكل عالمي على مستوى العديد من الثقافات .
فالبطل مريض طريح ومضطرب وكأنه نجى من حروباً انهكته جعلته يائسًا يبحث عن مُخلص يلجأ إلى الرموز والاشارات والمجازات غارقًا في التناقضات فقد اصبح البطل المتمرد المتفائل يأسًا ورغم سوداويته يظل باحثًا عن الالوان ؛ يريد ان يغير الواقع ولكنه لا يملك سوى الكلمة لكنه يدرك واقعه المعيش فهو يحيا في مجتمع قُتلت فيه الكلمات و قتل اصحابها اصبحوا شهداءً للكلمة ولم ينج من تلك الاغتيالات سوى ابطالٍ اجبروا على العيش تحت وطأه الصراع و البحث عن خلاص والخلاص هنا رحلة للبحث عن بطلاً شعبيًا كما هو الحال في الاساطير والسير والملاحم الشعبية بطلا ، مُخلِص يغير مسار الاحداث
بطلا يبدل قبح الايام بأجملها من ألوان الفرح والنشوة يغرس فى تلك الأرض الموحشة الخير ينقذ الاطفال من الغزاه والمُحتلين وكذلك من يروا انفسهم الفاتحين بتوكيل من السماء
ولكنه بطلا أسطوريًا لا وجود له إلا داخل مجلدات الكتب القديمة ذلك المُخلص يكمن بين جلدتي كتاب لايمكنه ان يُخرج بطلنا من سوداويته التي حتما ستقوده إلى الجنون
يبحث بطلنا المضطرب عن شخصيات مانحة لا يفقد الأمل في عقله وروحه المبتسرة يظل كالغريق يصارع ويقاوم حتميات الواقع ولكن بفطرته وغريزته الاولى توسل بالعودة طفلا ومِثل هذا الحرص يعبر عن غرضٍ نفسي وربما لا شعوري وهو رغبة الإنسان الشعبي البسيط في الهروب من نطاق الزمن فيعود بذاكرته الشفاهية إلى الخلق الأول حتى يبرر وجوده وأيضًا موته ,باحثًا عن الامان باحثًا عن الانثى الاولى المانحة من يبعث روحه من جديد تجسد كل ذلك في الأم ليعلن عن رغبته واحتياجه ليوم الحناء ولماذا ذلك الاحتفال الطقسي الموغل في القدم الضارب في جذور منظومة عاداته ؟! ربما لأن وعيه الشعوري واللاشعوري تشكل من نبع الأرض يحن لفطرته الأولى ؛وحين تأتي تلك اللحظة الاحتفالية سيملأ يديه بحناء الانتصار مُعلنًا عن الوفاء والفرح والامتنان ولن يكتفي بيومٍ واحد
بل ستصبح الايام كلها حناء ؛ يريد ان تظفر يده بعلامات النصر والفرح والشبق يريد ويريد ويريد ولكنه يدرك انها مجرد اوهام ،فهو تحت وطأة الحتمية والوحشية التي تفرض عليه وعلى الاجيال مزيدًا من القهر والخنوع وحين تذكر ثورته ادرك انه مُحال وان تخمدها محض مهدئات
—-
كاتبة وباحثة في الفولكلور والثقافة الشعبية