لقد حفِل الأدب بمواقف ادبيّة كان لها صداها في الفن الادبيّ، فعندما سُئل احد الفلاسفة عن جدوى القراءة قال:”إذا سلمت البصيرة. لم احفل بسقم البصر” ترى فهل لهذه الحاسة وقعها في المساحة الادبية؛ وهل سرت هذه الحكمة لتأخذ مساراً ادبيّاً توزّع على مَنْ شملتهم الحكمة؟ وغاية الأمر إنَّ ما سنعرضه من وقفات قد تكون مجدية للتساؤل المطروح..
في الوقفة الأولى نستذكر الشاعر اليماني عبد الله البردوني الذي عاش المعاناة في حياته بعد فقده البصر؛ وهو يتأ لم لوطنه الذي شهد التفكك، والإنفكاك قد جعلت منه شاعر الوحدة الوطنية يقول:
شماليّون في صنعا. جنوبيّون في عدن وقد حصل على مربّع الضوء الأخضر كشاعر حسَّد ملحمة اليمن الجديد عام/١٩٩٠ في توحيد شطري اليمن إلأَّ إنَّه قد صاغ في السنوات الأخيرة فلسفة هي أقرب للضياع منها لوجود، وادخل النظرة العبثيَّة في شعره يتساءل في ديوانه”كائنات الشوق الآخر” ١٩٨٦ دمشق:
فلا الصبح صبح ولا اللّيل ليل. ترى ذاك أشقى وذا اتعسا
ولا ذاك بدء ولا ذا ختام. ولا ذاك أضحى ولا ذا تمسّا
ما يمنع المت ان يستميت. وما يمنع الحزن أن يخرسا
وقد يجنح الشاعر نحو الحكمة وقت الحروب، ويصوّر غاية الأمر من الحرب يقول حكمة الحرب ان تهدا لتبني ليس غاياتها:اصابوا او اطاحوا كما يورد بعض التناقض، وعدم الترابط في التَّركيب اللّغوي::مجلة اليمن السعيد العدد/ه/١٩٩٠
تبتدئ كلُّ نجمة. فيه من آخر العدم
تحمل الرَّيح كالعصى. قشّةً أصبحت هرم
يخرج اللّون منْ إلى غير لون لا مشم
الوقفة الثانية ستكون مع شاعر آثر العزلة، والتي تجلَّت في صقائده إنَّه حرم نعمة البصر في طفولته الشاعر الكويتي صقر الشبيب الذي دخل المساحة الادبيّة. يوضّح الباحث الكويتي عبد الله زكريا الأنصاري عزلة الشاعر يقول”” من الأسباب التي ادّت إلى عزلة الشاعر خلافه مع والده، وخلافه مع علماء الدين الذين كرههم، وكره فيهم الإرهاب الفكري “” مجلة الأقلام ١٩٧٥/العدد /٧/ومن شعره في العزلة:
وجدت الإنفراد يريح نفسي. فملتُ بجملتي للإنفراد
فررت من إجتماعات البرايا. وبي منهُّن مواجعات الفؤاد
او يقول :
قالوا إعتزلت الناس قلت لهم. جرُّوا علَّي المحزنات صنوفا
لولا مخالطتي البريَّة لم يكن. قلبي الذوبان الهموم خروفا
ويستطرد الأنصاري عن حياة الشاعر”” (كان صقر الشبيب ينزع منذ صغره إلى الأدب والشعر، ولم ير بدّاً من إعتزال الناس والمجتمع””)
ومن المواقف ما طرأ على الشاعر في إحدى الطريق، وقد عانى مشقة في تذليل الصعاب وقرر(لزوم البيت)
يقول في قصيدة له.
لزوم البيت للأعمى سبيل إلى راحته وإلى السلامة
فلا يسرح ضرير من ذراه فغاية مسرح الأعمى ندامة
ويشخّص الشاعر ما يعترضه بصوته العالي.
يصادفه فيفعصه حمار. عليه مثل بادي القدامة
او يتحسس الشاعر بما لحق به في الطرقات
وكم تتغط رجلاه بروث. على الطرقات ملقى او قمامة
يسحسه على المنهاج وغد عليه من غباوته علامة
والنص بدلالة الفعل الحاضر مثل يصادفه، يتحسس، يقعص،..وغيرها قد استندت لحروف الجر… إلى راحته.،إلى السلامة، او.. عليه، على الطرقات، على المنهاج، عليه من. ولم يكثر الشاعر من أسلوب الإستفهامإلاّ في بيت واحد.. “وكم تتغط”. لانّه قد افصح في بداية ابيات عن..” لزوم البيت”ما يقلل عن إستفهامه.، وإذا كان للناس مسرح في الحياة، فعند الشاعر هو “مسرح الندامة”
ولنا وقفة أخرى مع شاعر آخر آثر في المساحة الادبيّة.