نظم المنتدى المغربي للحكامة الإجتماعية يوم الاحد 21 ماي حفلا تكريميا على شرف القاص والمبدع المغربي سي حاميد اليوسفي احتفاء بإضمامته القصصية (الكأس المكسورة) في حاضرة آيت اورير بين أحضان الاطلس.. وقد أثتها جمع غفير من المهتمين والمثقفين والادباء من محتلف المدن المغربية..
قدم الحفل الاستاذ الاديب موسى مليح بقراءة عاشقة في موسيقا متون الكأس المكسورة عبر تشكيلة من المقاطع الغنائية التقدمية لجيل السبعينات والثمانيات التي رافقت أحلام ذلك الجيل الذهبي.. لبشيء الذي حدا باصدقاء الدراسة ورفاق النضال الطلابي بظهر المهراز لحضور هذا الاحتفاء البهيج من كل فج عميق.. تلتها مداخلة للقاص وعريس الحفل سي حاميد اليوسفي بكلمة شكر فيها الحاضرين وقدم نفسه وعلاقته بالكتابة والعوالم التي يمتح منها مادته السرديىة الخام، وشخوصه الذين يتكونون في مجملهم من شرائح اجتماعية موغلة في البوس والتشظي والحرمان.. عوالم البائسين والمشردين وبائعي السجائر وبائعات الهوى، وماسحي الأحذية الذين أدت بعضهم الامور الى اقتباس بعض مقاطع من سروده لاحساسهم العميق بانه يترجم معاناتهم وان كل واحد منهم يتوهم أنه المقصود في النص
أعقبته قراءة للدكتور فيصل أبو الطفيل بعنوان: ( شعرية المفارقة في الكأس المكسورة)
قراءة رضوان كعية بعنوان: (الصوت والمعتى في الكأس المكسورة)
قراءة عزيز معيفي بعنوان: (تقاسيم على مقام الكأس المكسورة)
وانتهت بالعديد من المداخلات والنقاشات من الاساتذة الحاضرين
واختتمت بتوقيع المجموعة
****
نص الكلمة التي القاها القاص السي حاميد اليوسفي بمناسبة حفل توقيع المجموعة القصصية الموسومة بالكأس المكسورة الذي نظمه منتدى الحكامة الإجتماعية بمدينة ايت اورير على ضفاف نهر الزات…
نص الكلمة:
[للحلم بقية
سي حاميد اليوسفي
أود في البداية أن أتقدم بجزيل الشكر لكل الضيوف الكرام، ولفرع جمعية المنتدى المغربي للحكامة الاجتماعية ولمكتبه ولمدينة أيت اورير، ولإدارة وعمال فندق كوك هاردي، مع تحية خاصة ل(للدينامو) الصديق موسى مليح الذي هندس هذا اللقاء، وحفزني على المشاركة فيه.
لست متعودا على المساهمة في مثل هذه اللقاءات، فأنا بطبعي خجول وصموت، وأفضل العمل في الظل. ما شجعني على قبول العرض المعنوي الذي اقترحه علي صديقي موسى هو هذه اللمّة.
اللقاء في حد ذاته يذكرني بالفيلم الإيطالي:
Nous nous sommes tant aimés. Film d’Ettore Scola
. 1974
وهو الفيلم الذي استمتع الكثير منا بمشاهدته خلال الفترة الجامعية في نهاية السبعينات من القرن الماضي.
البعض منا جمعته الدراسة في مراكش، و(ظهر المهراز) بفاس لعدة سنوات بحلوها ومرها. ثم فرقتنا الحياة، ورمت بنا في القرى والمدن البعيدة. ويحضر بيننا أصدقاء آخرين تعرفنا عليهم في هذا الطريق الطويل الذي يتجاوز عمره أربعين سنة. نلتقي اليوم، وكل منا يحمل على كاهله مئات القصص والحكايات، تتأرجح بين تيمات الإخفاق والنجاح، والحزن والفرح.
أنا جد سعيد أن ألتقي بعد كل هذه السنين بهؤلاء الأصدقاء. جد مسرور بأن أتقاسم معكم فرح هذه اللحظة. تقاسمنا بالأمس الكثير من الأحلام، وهي ملح ماضينا المشترك، رغم قسوته، وضغوطه القوية. سرنا في دروب مختلفة، وكان بعضنا شاهدا على انكسار كؤوس كثيرة.
مستني عدوى الحكي، وأنا طفل تجاوز منتصف الربع الأول من العمر، عندما زرت ساحة جامع الفنا لأول مرة. ظلت العدوى راسبة في الأعماق. لذت بالصمت. قضيت زمنا طويلا وأنا أستمع للناس. أستمع لآمالهم وآلامهم وحماقاتهم أيضا.
عندما صعدت عدوى الحكي إلى السطح في الربع الأخير من العمر، قلت الآن جاء دوري لأتكلم. ارتطم رأسي بالعديد من الأرصفة والجدران، لم أكتب لأنصح أو أقدم دروسا في الحياة لأحد. لكن ذاكرتي رفضت أن تنسى أو تنام ، مهما تكالب عليها من محن صغيرة أو كبيرة. اخترت طريق الكتابة لأني ما زلت أؤمن وسط كل هذه الشظايا بأن للحلم بقية. ومجموعة الكأس المكسورة هي جزء من هذا الحلم ، وجزء من هذه العدوى.
أغلب هذه النصوص نشرتها على شكل تدوينات في صفحتي على الفايس بوك.
لم أتوقف عن الحكي في لحظة تعقيد للأحداث، لأطلب من الناس الصلاة على النبي، ومد أيديهم لجيوبهم. لست تاجر كلمات، ولا أكتب لقارئ محدد. أكتب أحيانا للبسطاء مثلي عن واقع قد يكونوا هم أنفسهم أبطاله. أكتب لكل المقهورين، أكتب لبائع السجائر بالتقسيط، والبائع المتجول، وعمال المقاهي، وللنساء اللواتي رمتهن ظروف صعبة في جحيم الحياة.
لا أعرف إن كانت نصوصي ستصل إليهم أم لا. كم فرحت عندما اكتشفت أن عمال بعض المقاهي أخذوا نص (عبدو النادل)، ونسبوه لأنفسهم على صفحات (الفايس بوك). لم أحتج لسبب بسيط، فهم أبطاله، أصحاب المعاناة.
أكتب أيضا لأصدقائي.
أكتب للمستقبل، ولإرضاء رغبة دفينة في النفس.
وأجدد بهذه المناسبة الشكر للإخوة الذين سيشرفون على تقديم بعض القراءات القيمة لمجموعة الكأس المكسورة، وعلى مساهمتهم أيضا في نشر عدوى الحكي داخل هذه اللمة المباركة. والشكر موصول كذلك لكل أصدقائي هنا في القاعة، الذين جاؤوا من مراكش، أو من مدن بعيدة، وأصدقائي وصديقاتي هناك في العالم الافتراضي. شكرا للجميع على التشجيع والدعم حتى أتابع الكتابة في هذا الربع الأخير من العمر.
وأدود في الختام أن أتوجه بتحية حارة للكاتب المغربي الصديق مهدي ناقوس وضيفه الكريم. الصديق مهدي سبق له أن نشر جل نصوص الكأس المكسورة وغيرها في موقع أنطولوجيا السرد. وهو قد تجشم القدوم من مدينة اليوسفية، وأبى إلا أن يكون جزءا من هذه اللمة المباركة، رغم ظروفه الصحية القاهرة.
تحية محبة وتقدير لصديق آخر، يعود إليه الفضل في إخراج كتاب وشوم في الذاكرة في طبعته الرقمية. كما أنه هو من وضع أغلفة مجموعات الكأس المكسورة ووجوه وهزك الماء. تحية محبة وتقدير للصديق عبد الكريم العامري المشرف على موقع بصرياثا الأدبية، وابن قرية جيكور مسقط رأس الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب.
شكرا للجميع على المشاركة في نشر عدوى الحكي، ورفض التجارة بالكلمة.
المصدر: موقع الانطولوجيا المغربي