أحدث أعماله الصادرة عن اسكرايب للنشر والتوزيع في القاهرة بعد “ليلة الفلفل في لوغانو، شاي مع ماريو فيتالي، شارع النحس”.
اقتباس من الرواية:
“كانت تلك ليلة مغبرة، سادَ فيها الوجوم مملكة ياروبا التي حكمها الإمام سماعة النبهاني وانتهى الأمر، حينما ارتجَّت قواعد قصر الجبل الأزرق وأفسدَت الصمت الذي أناخَ عقودًا طويلة على بوابات وجدران الجبل الذي لا تجرؤ ذبابة على الطنين به وشرخ سكونه، اهتزَّت السماء فوق قمة الجبل عندما انسابَت دماء حراسه القانطين من التغيير لعقودٍ سحيقة، فسَادهم سُبات عميق وأيقظهم فجأة حدّ السيف، مخترقًا أعناقَهم ومعها هدوء القصر الواجِم على أحذية خزفيّة ترجّ الردهات وترشم الأبسِطة والسجاد بطبقاتِ الوحل بعد أن فرغَت من نحرِ حراس الأب والشقيق، واخترَقت عنوَة حواجز النساء والأطفال، تنقيبًا عن موضع اختباء السلطان العجوز وابنه، كان القائد المُظفّر الذي نفَضَ ريش الحمام وارتدى جلد الفهد، هو خردله بن سماعة الذي صعد الطوابق العليا للجبل ولاحَق غبار الفارين من أهلهِ وأقربائه، هشَم في طريقه المكسو بالدم كلّ مقتنيات القصر التي أعاقتهُ، فانطلق كريحِ الزعزع تقتلعُ ما يُصادفها دون رحمة. كان الوقت ليلًا وسادَت العتمة أروقة وردهات القصر قبل زوبعة الاقتحام، ماعدا إضاءات شاحبة تحدُها أثلامٌ باهِتة ناتِئة عن بعض الشمعدانات والقناديل بممرّات وردهات مفصليّة تصدّ عن مخادع السلطان والنساء والمحظيات وغيرهم من حاشيّة وبطانة، كانت ليلة مُدلهَمة حسم فيها الابن الحانِق خردله أمرهُ وانتزع من قلبه رجفة الخوف بمعيّة تدبير إنجليزي وشهوة عمياء للمرأة التي سعى لانتزاعِها من حلبة أخيه، فاستند إلى شعوره بالحنق، وتجسَّد الحبّ لها في حمى إعصار انفجر في جسدهِ الذي انتفض الليلة الغبشاء سماؤها بغيومِ منتصف الخريف، وفاجأ الآلهة النائِمة بضجيجِ السيوف تعبر رقاب من يسدّ الطريق أو تعترض هبوب العاصفة التي انثنَت وهي بالطريق لمنحى غير الذي اختارتهُ، فانتزعَت كلّ ما تبقى للأب من بطانةٍ، وأبقت فقط على محظياتٍ وغلمانٍ مثّلوا وقود متعة القصر ومذاق ليال كرزيّة دافقة بغذاءِ الجسد. أفاق سكان الأروقة الزرقاء من شهيات الأجساد الصغيرة النحيفة والسامِقة، بيضاء وسوداء، ومن جنسياتِ الدنيا حملتهم سُفن السلطان لإنارة عرش الملذات، أفاقوا مذعورين بصليلِ السيوف وضجيج الأصوات وضوضاء خوفٍ تأجّج بنفوسِ من استيقظوا على عاصفةٍ اقتحام مخادع النوم وعرائِش اللذة ودهاليز المتعة، ثم عرجوا على خزائن المال ومستودعات الأسلحة ومعها كافة مفاتيح المملكة التي نامَت ليلتها كما باقي ليالي الأزمان الغابِرة على وسائِد حرير دون نيّة على مغادرتها، غير أن قدر سلاطين الكهوف غدرِ أبنائهم لهم بوازعٍ من نهمٍ للسلطة وخاتم الحكم الذي يفتَح خزائن المال والشهوة على مصراعيها.”.