لو أتيتَ إلى مدينتنا الصغيرة لحدثوك عن ماضي الحديقة العمومية، التي كانت ولا تزال أحد أهم العلامات الجميلة لمدينتنا الصغيرة، رغم أنها ليس مزهرة و نضرة مثل الماضي…
كانت أجمل مكان، والمفضلة دائما للأساتذّة يجلسون فيها يتناقشون أو يتأملون،و بعد أن تقاعد البستاني المسئول عنها، سرعان ما زحف الخراب إليها، فجفت نافورتها، وذبلت ورودها، وحزّنت أشجارها، واختفت ألوانها الزاهية…
وأحزن ذلك روادها القدامى، و حتى نحن من الشبان الّذين لم نُعايش أيامها المشرقة، ففي طفولتنا عاصرنا أيامها الأخيرة، وكان البستاني يمنعنا من الدخول أو الاقتراب من أسوارها…
وخلال العشرين سنة الأخيرة بُذّلت محاولات شبابية لترميمها والعودة بها إلى عصرها الذهبي !
أربعة محاولات فشلت في أن تعيد للحديقة بريقها ورونقها !
لا أعرف، لماذا فشل البستاني، وهو شاب ؟ وفشلت البلدية ؟ وفشلت جمعيات ثقافية وبيئية ؟ رغم أن أعضاء تلك الجمعيات شباب متحمسون ولهم أفكار !..
لا أعرف، رغم أن الأمر لا يحتاج سوى الاعتناء بالأشجار والورود وسقيها بانتظام !
وفي النهاية، فُتح مقهى صغير وسطها، يجلسُ فيه الفارون من المقاهي الملوثة بدخان السجائر، يثرثرون حول كؤوس الشاي أو أكواب البوظة اللذيذة…