عصي على التصنيف
أحب النساء الجميلات مثل باقي خلق الله. يكذب من قال إنه لم يعشق في حياته امرأة جميلة، حتى ولو كانت لحيته أطول من لحية ابن لادن.
وجد صعوبة كبير ة في الوصول إلى قلوب النساء. الوسامة وحدها لا تكفي ليصل الرجل إلى قلب امرأة جميلة.
أسره قيس بن الملوح*، وجميل بن معمر* فترة طويلة. من قبل كان يبحث عن شيء غامض في المرأة، مثل شعراء الغزل العذري الذين يعبر بيت جميل بن معمر عن مأساتهم خير تعبير:
يموت الهوى مني إذا لقيتها ويحيى إذا فارقتها فيعود
لم يذهب عند فقيه أو عرافة، سار في طريق آخر.
كان غاوي قراءة الكتب. اعتبر نفسه مدينا لزوربا اليوناني* بطل رواية تحمل نفس الاسم، وإلياس نخلة بطل رواية الأشجار واغتيال مرزوق*، وسعيد حزوم بطل ثلاثية حكاية بحار*، ومفكرين أمثال بيير داكو ونيتش، وبعض عمالقة الرسم، وشعراء الحركة الرومانسية.
لم يكن يهتم بمظهر المرأة الخارجي، وأناقتها ولباسها وطريقة تسريح شعرها، وغيرها من الجزئيات والتفاصيل الصغيرة المهمة في حياتها. عندما قرأ عبارة نيتش ( المرأة كائن بدون عمق ) التي أغضبت العديد من نساء الانتليجينسيا، أدرك أنه كان يبحث عن سراب، أو سقط ضحية دم جميل بن معمر المسحور.
إلياس نخلة لخص علاقته بالمرأة في كلمتين : المرأة خرز، وكلمات حلوة.
بعد ذلك بدأت الحرب بين نيتش وجميل بن معمر. لم يتحرر من العمق، لكنه آمن بأن العبور إلى المظهر يحتاج إلى جسر خارجي، إلى خرز وكلمات حلوة.
عثر صدفة على لوحة للرسام الايطالي جنتيلي بلّيني( 1439 ـ 1516 ) في إحدى المجلات المختصة. قدم فيها امرأة جميلة خرجت من الحمام وجسدها شبه عار، تجلس بمفردها فوق سرير بغرفة تبدو مغلقة بالقرب من نافذة مفتوحة، تطل على منظر طبيعي جميل، وتنظر إلى وجهها في المرآة، وتضع إحدى يديها على شعرها.
كل الأيقونات في اللوحة توحي بان المرأة تنظر إلى العالم الخارجي من خلال النظر إلى وجهها. جنتيلي وضع ريشته على الجرح قبل نيتش بسنوات طويلة، فلمح إلى أن المظهر هو الجسر الذي يربط المرأة بالعالم الخارجي.
بعد ذلك أدرك سر العلاقة الأسطورية التي تربط المرأة بالرجل.
لم ينس نصيحة محمد شكري، من أن تقليد أبطال الروايات قد يفتح على الإنسان أبواب جهنم، فيسقط في هوة بلا قرار، لذلك ظل حذرا من دمهم المسحور.
أحب وتزوج. أغلق الباب على الدم المسحور، على نيتش وجنتيلي وزوربا وإلياس نخلة وجبران. عاد إلى القبيلة. أدرك أن الزواج مؤسسة مثل الشطرنج لها قواعد خاصة. دخل المؤسسة، احترم قواعد اللعبة، وصعد إلى الرصيف، وسار على اليمين.
المعجم :
*قيس بن الملوح وجميل بن معمر : من أشهر شعراء الغزل العذري في عصر بني أمية .
* زوربا اليوناني : رواية للكاتب اليوناني نيكوس كازانتزاكس .
* الأشجار واغتيال مرزوق : رواية للكاتب العربي عبد الرحمان منيف .
*حكاية بحار : للكاتب السوري حنا مينة .
*عنوان اللوحة للبحث عنها في شكلها الأصلي :
Giovanni Bellini – Young Woman at her Toilet
مراكش29 يوليوز 2017