كانت تحلق كثيرا في اجوائه الضبابية…ترسم له خيوطا من الامل…تداعب ايامه الحبلى بالروتين المزمن…
هي فقط من تدخل الاوكسجين الى دمه الاحمر غير القاني ،كي يتنفس جرعة ايجابية تمكنه من العيش لما تبقى من ايامه… تحوم حوله دائما كفراشة تسكن حقولا خضراء مليئة بالحياة….عدوى الايجابية تلك انتقلت له،بدأ يلملم متاعه للخطى نحو مسار جديد ،وهي تراه هكذا ،كلما تمر من سريره المثقل بهموم السنين، وهي تحمل فنجان القهوة له، تبتسم ، ثم تغادر ،لعله يسرع في الخروج الى ذلك الافق الارحب …
عاد الى منزلهم شبه القروي الذي يلفه السكون،حتى اطفال المحلة هادئون جدا، معظم العابهم لاتتطلب الكلام او الاستخدام المفرط للغة…
استجوبته كأي امرأة على هذا الكوكب:
اين كنت ؟
-في فضاء اتحاد الادباء
لماذا ؟
-لالتهم الكلمات والحكايا ،لعلها تمنعني من السقوط في وحل الخيانة للاسماء والاوطان،هكذا كانت نصيحة جدتي (ش).وهي الميراث الوحيد الذي تركته لي ، وانا فرح به جدا تصوري !!
بعد ذلك اخذتها الرأفة به،فأسرعت بجلب عصير الزبيب له،شكرها كثيرا ،وراح يبدل ملابس الكلمات والحكايات التي مازلت ترنو في مسامعه بملابس النوم والاحلام،اما هي فعادت تكتب كلمات غير واضحة على اوراق ملونة صغيرة جدا، ثم تمزقها …تفتح الحاسبة ، ثم تبحث عناوين خارج البلد ،استمرت على هذه الدوامة لمدة سنتين،حتى صرخت بصوت عال ايقظه من نومه الحالم:
-اسمي موجود
-اسمي موجود
هناها وساعدها في تحضير حقائبها ،كانت الايام تمر بسرعة كالثواني او اللحظات المتسارعة ،غادرته، وبقي وحيدا لاحلامه وحكاياته،التي يحاول الامساك بها عبثا ،حتى ملابسه لم تطاوعه عندما يروم الخروج من ذلك المنزل(….).
كان يتخيل ان غرف المنزل تعوى كالذئاب ،حتى شبابيك المنزل كانت عصية على الاغلاق…
كتب لها رسالة قال في بدايتها:
غياب …بحضور كامل….