محب زوج عاشق لزوجته ، تزوجها بعد قصة حب بدأت قبل الزواج بثلاث سنوات. بنى لها بيتاً بجوار الجدول الصغير فى أطراف القرية . لم يختر موقع البيت هباء بل كان ذا قلب عاشق ، مرهف الحس ، تخيل نفسه يصحو كل يوم على صوت حبيبته و زقزقة الطيور و خرير الجدول .
قال لنفسه “سوف تعيش فى الجنة يا محب “. حسناء كان تحبه ، لكن حبها لم يكن مجدولاً مع نياط القلب. ربما أنانية بعض الشئ.
وفي صباح احد الأيام قالت حسناء أريدك أن تبيع هذا المنزل ، لقد مللتُ صوت خرير المياه. لم يهتم محب، بل اعتبر حديثها نوعاً من المزاح، أو تقلبات هرمونية كما اعتادها.
محب يصحو فى السابعة كل صباح ، يحتسي قهوته و يذهب للعمل . وحسناء اخذت تفكر كيف تغير مجرى المياه بعيداً عن البيت .أخذ هذا الموضوع يسيطر على أفكارها وعلى حالتها النفسية التى بدأت فى التراجع.
على يسار البيت ربوة منخفضة ، كانت مقسمة على مساحات متقاربة ، محب يستغلها فى زراعة بعض الخضروات.
بعد وقت الدوام ، يهتم بها محب قليلاً من الوقت ، و يجنى منها بعض البامية الفلفل الاخضر و الاحمر و الباذنجان.
فى الغروب يجلس يتسامر مع حسناء ويسمعان الموسيقى وبعض الأغاني الأصيلة التي إذا سمعتها أحجار الأرض المليئة بالنتؤات صارت حصوات ملساء.
باكراً ، بعد أن ذهب محب للعمل ، أحضرت حسناء فأساُ ومعولاً ، وأخذت تزيل من طمى الربوة وتضعه في الجدول أمام البيت.كل يوم تعمل بضعة ساعات وتكرر هذا العمل . مع هذا العمل الشاق أهملت زوجها ونفسها.
فهل ابعاد جدول المياه اهم من زوجها؟
صباح اخر تجمع حسناء الأحجار والصخور و ترمى بها فى مجرى المياه.
الصباح التالي والتال ، تكرر نفس العمل ذاته ، تأخذ الطمى من الربوة و تضعه فى مجرى المياه. قضت فى ذلك أكثر من عام . و كانت علاقتها بزوجها من السيئ إلى الأسوأ. أصبحت عصبية المزاج ، صوتها عالي بسبب وبدون سبب.
قال محب : ربما إصابتها لوثة فى عقلها ، أو ربما فترة اضطراب نفسي تمر و تنتهى .
لكن حسناء فعلا نجحت فى تغيير مجرى الجدول بعيداً عن البيت. وساءت علاقتها جدا بزوجها ، حتى أصبحت علاقتهم تلفظ أنفاسها الأخيرة. و ذات صباح قالت له وهو يحتسي قهوته ، علاقتنا انتهت لابد من الانفصال.وكان هذا فى قلبه لكنه لم ينطق به.