أجلس في شرفة بالطابق العاشر من الفندق، تظهر المدينة من الأعلى كلوحة امرأة عارية تغري كل الزائرين للتأمل في سحرها !!… كل شيي يدعو إلى الهدوء في هذا المكان .. رائحة الصيف تغري باكتشاف أسرار المدينة، وتجلب الرّاحة لكل نفس مكلومة أو جسدٍ مثقل بالتّعب …صوت الكيتار الذي ينبعث من إحدى الكازينوهات القريبة من الفندق، سرعان ما يندحر ليترك المجال لسطوة إيقاعات السكسفون الحالمة …هدير ارتطام أمواج البحر وهي تشق طريقها منسابة و متثاقلة يخلق في خاطري نزوة كتابة أسطر من رواية … تحلق طيور النّورس وغيرها وتصدر أصواتًا أشبه بصوت النّاي …المباني المرتفعة لا تحجب روعة مشاهدة الشاطئ فمنظر الأفق وإطلالة البحر متاحة للجميع …الناس يترجلون بخطوات وئيدة يعيشون تفاصيل يومهم دون ملل ،على المقاهي مزيج ولفيف من الجالسين يتحدثون دون أن يقاطع بعضهم البعض… تسمع الأحاديث وتحتسى المشروبات على مهل، وتقرع كؤوس الويسكي ، وتتبادل القبل وترتب المواعيد على بواقي كوب قهوة مرة.
الستنيون والسبعينيون لازالوا يحتفظون بمزاج يسمح لهم بتربية الكلاب الصغيرة… يمشطونها ويتجولون رفقتها ، ويجمعون فضلاتها وهم في غاية النشاط …بفضاء الألعاب المحاذي للفندق، تكاد أرجوحة أن تلمس السماء ،رغم هول الموقف فالجالسون هناك لا تسمع أصواتهم !!
حركة السير والجولان تمشي بسلاسة ،لا يقف رجال الشرطة وسط المدارات،ولا يختبئون خلف الأشجار !!… يعبر الراجلون من الممرات الخاصة بهم وتتحرك العربات دون إطلاق أصوات المنبهات المزعجة ،يوزع المارة ابتسامات متفرقة ومتبادلة مع بعضهم ،ولا يملون من إلقاء التحية على الغرباء!!