هجرة الأدمغة أو هجرة العقول هو مصطلح اطلق أول مرة من طرف الأنجليز على هجرة الكفاءات العلمية نحو الولايات المتحدة الأمريكية بداية القرن ال19 حيث كانت حينها هذه الأخيرة أرض الفرص والتي أعَدت آليات لجذب العقول إليها وحذت بلدان أخرى حذوها في ذلك ونقصد هنا دول من أوروبا وأسيا والتي وإن كانت فيما مضى ضحية أصبحت الأن أول المستفيدين من الظاهرة أما أكثر البلدان المتضررة هي الدول النامية وبالأخص البلدان العربية التي وللأسف تكاد مفردات صناعة البحث العلمي منعدمة فيها و ليست بكفاءة مثيلاتها في الدول المتقدمة وكانت هذه أولى الأسباب ليأتي بعدها سبب كشف عنه تقرير للبنك الدولي بعنوان
“الإنتقال من أجل الرخاء” والذي يشير إلى الفوارق الكبيرة في الأجور فالأجر في الدول المتقدمة مضاعف أربع مرات عن الأجور في البلادان النامية مما يساعد على الإفلات من مخالب الفقر زيادة على أسباب سياسية تتمثل في الثورات والحروب ونزاعات في البلدان النامية عكس البلدان المتقدمة والتي تشهد إستقرار سياسياً ملحوظاً يساعد في إنشاء بيئة مناسبة للبحث العلمي كما أن الأهتمام بهذه الفئة معنوياً عن طريق تشريفها وإعطاءاها المكانة التي تستحق له مفعول السحر والحافز الأكبر لمنع الظاهرة كما أن الحواضر تستهوي العقول لما فيها من إزدهار وتقدم وعدالة إجتماعية وأضواء الشهرة والمجد والجوائز المادية والمعنوية ساهم في ذلك وريما أعطي هنا مثالاً يخص العالِم العظيم إبن سينا الذي هاجر من أوزبكستان إلى حاضرة الدولة العباسية بغداد لما سبق ذكره من أهمية الحواضر في إستقطاب العلماء والأدمغة ، هذا ما لا نجده الأن وبوجه خاص في الدول العربية مثلاً و التي تمثل نسبة الثلث من مجموع هجرة الكفاءات وهي نسبة معتبرة وتعادل ال31 % من مجموع المهاجرين ذوي العقول والكفاءات بسبب نقص التحفيز والتشجيع وانعدام العدالة الإجتماعية وتقزيم دور العالِم والمخترع ليأتي في المرتبة الأخيرة من كل شيء من المكافاءات والإمتيازات والأعتراف فيما يحل محله من هم أقل أهمية منه من الفئات الفاعلة في المجتمع وأرى شخصياً أنه أمر مقصود وممنجه بحيث يكون وجهاً من وجوه الأستعمار الذكي فيهمش المثقف والمخترع والعالِم ليساهم ذلك وكل ما سبق في تراجع نسبة التنمية والنهضة الإقتصادية لهذه البلدان مما يؤيد فرضية المؤامرة والتي من أهم الأساليب المستخدمة فيها هي إصطياد العقول لأن هذا المصطلح يكرس مبدأ التبعية للبلدان المتقدمة محققاً الهدف الأسمى لهذه الدول ليجعلها في الطليعة و في تقدم مستمر ف 50 % من الأطباء و 23 % من المهندسين و 15% من مجموع العقول النيرة يهاجرون إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا خالقاً بذلك تبعية علمية وإنهيار كامل للمنظومة الأقتصادية التي بدورها تلقي بظلالها على المنظومة الأقتصادية والإجتماعية والثقافية للبلدان المهاجر منها.
تجريف العقول
تعتبر منظمة اليونيسكو هجرة الأدمغة نوعاً سلبياً من أنواع التبادل العلمي بين الضفتين يصب في صالح اتجاه واحد فيطور البلدان المستوردة للأدمغة ويزيد من تخلف البلدان المصدرة لها فيغدو الأمر أشبه بساعة رملية من حجرتين يتسرب فيها الرمل من أعلى إلى أسفل ولعل هذا المثال ليس دقيقة جداً فأبطال موضوعنا يتسربون من أسفل إلى أعلى مساهمين في توسيع الفجوة بين الضفتين ويزيد من الفروقات التنموية مما جعل نسبة تسجيل براءات الأختراعات التكنولوجية منخفضاً جداً في الدول النامية في المقابل بلغ نصيب أوروبا 47،3% وفي أمريكا الشمالية 33،4% أما اليابان بلغ نصيبها نسبة 16,6% كلها نسب ساهم العرب والأفارقة بمقدار كبير فيها، أما الحلول فهي عكس المسببات تماماً أي أن رفع أجور المخترعين والعلماء والأهتمام بهم وتفضيلهم وخلق بيئة مناسبة لهم تمكنهم من ممارسة بحثهم العلمي دون تضييق ودون ممارسات بروقراطية وكذا التحرر من التبعية الثقافية وتسليط بقعة ضوء إعلامية نحوهم و تصحيح المفاهيم و المغالطات المجتمعية بحيث لا يخجل المواطن من الدول النامية من المخترع وذوو الكفاءات بل يحترمه ويعترف بفضله لهي جملة أسباب تقطع الطريق على ظاهرة هجرة العقول والأدمغة.