اخترق جسدي شعور رهيب، حاولت منعه، تسلحت بسور القرآن الكريم وبعض الابتهالات لكنه غاص فيّ حتى تمكّن مني..
قرّرت مواجهته، لم يعد بوسعي تفاديه، جالسته على مائدة الإفطار، لم يغره ما قدّمت له، غيّرت مكاني إلى قاعة الجلوس، شغلت التلفاز تلاعبت بجهاز التحكّم بين القنوات لم يرقه غير قناة الدمار والتخريب، جاريته اللحظات حتى داهمي الليل وجدت نفسي منتصرة في هذه الجولة، لقد ولـّى هاريا من النافذة، نسيت ما انتابني، نسيت معنى الخوف وأنا استلّ قلمي من غمده، أكتب محضرا بما جرى…
عندما رنّ منبه الساعة العملاقة انتابتني نوبة هيستيرية من الضحك، لقد مرّ الليل بسلام، ماكان عليّ أن اذعن لمثل هذه الحالات….
رميت علبة الأقراص بالقمامة و قرّرت أن أغير نمط حياتي أن أكتب روايتي التي خطّطت لها منذ عشرين سنة.
عاودني نفس الشعور، هرعت إلى النوافذ أشرعها، مزقت كل الستائر ألقيت كل الأقفال في المستودع ثم رميت بجسدي كخرقة بالية على السرير حتى ٱخذني النعاس بعيدا…
مشهد عرض روايتي في الأقصى بين الأبرياء والمجرمين عاود زيارتي لكنني لمحت خوفي يصفق بحرارة مع كل المدعوين، نزلت الدرج متعثرة بعض الشيء صوّبت نحوه قلمي، أطلقت سبع رصاصات، مات دون أن يبدي مقاومة، هذا العملاق المزعج، أنهى حياته بجبن الذئاب ظننته سيقاوم لكن…
أشعة الشمس لفحت جلدي الأسمر، استفقت على نخزات جند مسلحين يحاولون إيذائي، بحثت عن قلمي كي أسدد لهم بعض الرصاص وجدته خالي الوفاض…
صحت طلبا للنجدة، ضحكوا مني سمعتهم يوشوشون ” ألم تعلم أنها الأخيرة في هذا الميدان “
أخفيت كتابي تحت الوشاح الأخضر، حيث يرقد الفؤاد فانبعث نور كشف كل المستور..
النور يكتسح الغرفة، حتى التهم لهيبه كل الموجودين، قفزت من النافذة لحقتني نار ملاطفة ” هات الكتاب ”
التقمته دفعة واحدة وطارت إلى السماء. بقي نظري معلقا بين الثرى و الثريا، شعري مشدود في ضفيرتين تزينها شرائط حمراء كفراشات تتراقص ، بصعوبة فككت الرباط و صنعت حبل نجاة أشده إلى الأعلى، كدت أصل لولا صوت أبي يدعوني للرحيل، فقد أزفت الساعة.
حملقت إلى الأسفل، وجدتني معلقة بين منزلتين،
ماذا سأفعل الآن؟