بعد أن هيمنت الوحوش على الأرض واستباحت لحوم الطرائد.. زادت أعداد الحيوانات بشكل ملحوظ وتزعمتهم قوافل الثيران التي لقنت الأسود درسا قاسيا لن ينسوه مطلقا في مواجهات كثيرة.. وفي المقابل قلت أعداد الوحوش وفشلت من اقتناص الطرائد نظرا لتماسكها وحنكتها في إدارة المعارك فيما بينهم..
وحين زادت الخسائر في الأرواح.. اتفق الخصمان أخيرا على تقاسم السلطة فيما بينهم، فلما جاء الدور على الطرائد اقترحوا إلغاء حكم الوحوش والاستفتاء على ذلك بالاقتراع الحر المباشر، ولأن عدد الحيوانات أكثر من الوحوش فقد فاز رأي الأغلبية وارتضى الوحوش بالنتيجة ظنا منهم أنهم سينقلبون عليهم في أي وقت..
وتولى أمرهم أما جاهل أو مارق أو سفيه وكان من أهم نتائج هذا الاتفاق منع أكل اللحوم منعا باتا ومن يثبت عليه ذلك الأمر يلقون به في البئر بمساعدة الوحوش أنفسهم.. ولهم كل شهر أحد الحيوانات المارقين عن أمر الجماعة والمحكوم عليهم بأحكام تقيد حريتهم..
وكان من نتيجة هذا الإتفاق التزام الحيوانات وعدم الخروج على رأي الجماعة مما حرم الوحوش من لحوم المارقين..
مرت الأعوام وطعن الوحوش في السن، وتمنوا أن يعودوا سادة تهابهم كل مخلوقات الغابة..
تظاهر الوحوش أمام بيت الحاكم..
حين سمع بتظاهرهم خرج اليهم وسألهم عن سبب التظاهر وعن حاجتهم!
قالوا: نريد أن نعود إلى حكم الغابة مرة أخرى..
قال الحاكم: أخيرا تذكرتم،
لقد جاورتم الحملان وعايشتموهم وأكلتم من أكلهم وشربتم مما يشربون سنين طوال.. فهل ضقتم ذرعا بوجودكم بالغابة بعدما كنتم حكامها؟
وارتديتم ثوب الحملان، واستكنتم ورضيتم بالخضوع حين قلت أعدادكم وسادت طرائدكم بدلا منكم ولم يتغير الأمر فلم التظاهر؟
قالها بصوت جهوري..
قالوا وهم يرتعشون:
استوحشتنا أطايب اللحوم وقنص الطرائد ياسيدي الحاكم..
نظر الحاكم والشرر يتطاير من عينيه نحوهم فارتعدت اوصالهم وأصابتهم رجفة شديدة.. أمر الحاكم بالقبض عليهم وجلدهم أمام حيوانات الغابة حتى يكونوا عبرة لمن لم يعتبر…
هرب الوحوش وتجمعوا خارج الغابة واتفقوا على قطع الطريق على الحيوانات وقنصهم وتذوق لحومهم..
حين تواجهوا زأرت الوحوش وكشرت عن أنيابها ولكن عبثا لم يجدوها..
لقد فضت أفواههم وأصبحت فارغة من الأنياب والضروس..
فقد سقطت سهوا حين سلموا الراية عن طيب خاطر لحيوانات الغابة..
حينها هجم الثيران على ماتبقى من الوحوش وقضوا عليهم وخلت الأرض من الأشرار، وبات الصلاح أمرا حتمي على الأرض كل الأرض.