عالمٌ افتراضيّ
مرآته امتصت جثمانَه فذابَ في رقائقها؛ وجد نفسه مسلتقياً على جذوع السنديان وحَطام قارب بالجوار عند قاع شلالٍ جارف، مهترئةً كانت سرابيلُه، ثاوٍ بين صدفيْن خلفهما فلاة.. أياتُرى؟! هل هي أضغاث أحلامٍ أمْ كيف ظهَر الماء هنالك! تحسَّس مسنداً لتنتصبَ قامته فغاصت قدماه برمالٍ متحركة وواراه الثرى بهاوية حفرة نفذ منها لعالم حواه صبياً—تمتَم بعدما جعَبَه الأمر:’لا أريد هذه السّمات البيئية كتصميمٍ لألعابي الإلكترونيه؛ سأحذفها من الماتريكس(المصفوفة) .’
—
طوفان
مُدمدمٌ عليهم نوازل الأرض؛ منبثقةً كانت الأغوار، متنصّلةً كانت الجبال من تخومها، منمهرةً كانت السماوات تصبّ، غاضبةً كانت الريح في أوُجّها، كالعِهن المنفوش كانت الوديان، سيل العرِم انقَصَلت به الأمواه لتغيض فيضاناً؛ عويلٌ وغرغرة وثغاء ونعاق قضّ المضاجع، أنقاضٌ تعجّ بالشهداء—نتحدّثُ عن فاجعةِ يَعرُبْ ببلاد المغرب.
—
زلزلَه
إخضوضر الرَّكام بين الأنقاض؛
بكت السماء بأمطارها المنهَمرة، أنينٌ وصرخاتٌ وأهوال مجهولٌ مصدرها، وبين هنا وهناك ينبعث صوت ميلاد لرضيعٍ لا يمكن أن ينطق تلك الكلمات؛ قوات الإيواء سمعت: “أما آن الأوان لتستفيقوا.. ها أنا حيٌّ من جسدٍ قَضى نَحبَه” —كبَّروا.
—
ضعف وكبرياء:
لم يسمعوا صوت أنينها، توشحت بعباءة اللامبالاة، لم تكترث الضجيج، غلّوا أياديهم بالتهم الكاذبة، تصومعت في تخوم أفكارها المناهضة لواقعها الأليم، اهترأت مباهج الحياة أمامها، ماتت بجوار يباب أحزانها.
—
مشكاة
مكبَلةً بين سنابل الحريّه؛ مروِضةً بنورها المسحور، مكفهرةً أرض الأحلام، معانقةً قرص البدر الذي حذرها، مبتورةً كانت حشرجة الغوث؛ رمقها الأخير في شهقة الاحتضار يهمسُ في ضوء باهت—إنّني سرمدية.
—
دوَّامة
مُتشبثاً بحلقات الإعصار؛ مُتسائلاً من يطلق النار، مغمغِماً طلاسِم خطابه، فتُصارع حروفه سكَرات نازِعاتها، تكاد أهداب الوَجيب أن تنكسر من شدة النزيف الذي لا يدرك سببه سوى تلاسن الدّهماء، في التّيه كان ينفثُ حكمته وشرعَنة دستوره بلا أصداء،أيقن سرمديةَ اللامبالاه ووقْع السيَاط بذاك الطوفان بلاَ أَوبَه.