عددت الكاتبة الدكتورة ريما زهير الكردي من المسائل و الإشكاليات التي اشتغلت عليها في مدونتها المكتوبة و الموجهة للطفولة و لعل نص”نخيل أبي” يقدم رسائل هامة
كانت الكاتبة وفية أولا للكتابة لهذه الفئة الهشة و التي تتطلب دراية و معرفة دقيقة بتفاصيل تكوينها النفسي و السلوكي و الذهني و المعرفي ثانيا وفاؤها لمكونات القصة و ميكانيزمات كتابتها من حبكة و مسا ريحكم الشخصيات في تحركهم في الأزمنة و الأمكنة التي حددتها سلفا .
و انطلاقا من العنوان كعتبة “نخيل أبي” تلتفي فيه الكاتبة مع التراكم المضموني المطلوب و الذي تقاطعت فيه مع العديد من الأقلام الفلسطينية الجادة في الطرح و التناول و الكتابة و المشترك هنا علاقة النص الفلسطيني بتراثه الطبيعي الذي يميز تلك البقعة المقدسة فلسطين و أرضها الطيبة.
كان النخيل في هذا النص و كان البرتقال في نص “برتقال يافا” للكاتبة روزا ليوسف شعبان و “سنابل الذهب” لمنار الزغبي و غيرها من النصوص الفلسطينية و “دالية العنب “
لمريم حمد كما تحدثت بقية النصوص عن المعالم و الأدوات و الآلات ك”طاحونة جدي”
لمريم حمد و غيرها و الكل اشتغل على الأزهار و الزيتون و البرتقال و لعل ما يميز هذا النص حديثه عن النخيل .
أما الرسائل و المضامين المصاحبة للنص الإبداعي ترتبط عادة و جوهريا و جدليا بسن الطفولة من- إلى أو الناشئة من -إلى و تعتبر العائلة هي الحضن و المعلم الأول و المدرسة الأولى التي سيتشرب منها المبادئ و الأخلاق و السلوكيات السوية و نص” نخيل أبي” في صميم المدرسة الأولى و التي تعتبر الأب و الأم هما العمودين الأساسيين اللذين سيكونان هذه الشخصية إذ يحتاج الطفل إلى مثال و قدوة و كان الأب هنا خير قدوة للفتاة لتربط الكاتبة العناية بحقله و نخيله كعنايته بابنته و حبه الذي تقاطع مع النخيل و الفتاة فأحبهما معا و هي أيضا ستحبهما معا و المصاحبة و الرفقة الجميلة لنخيله تعلمت منها العمل و أورثتها هذه الخاصية المهمة عبر المتابعة و المشاهدة لتعيد نفس الأشغال و المهام بعد موت أبيها فزرعت مثلما زرع و سقيت مثلما سقى فشذبت مقلما شذب و حصدت مثلما حصد و جمعت مثلما جمع و أعطى ثم تقرأ لها مثلما كان يقرأ لها والدها الحنون و تخبره عن يومها و عن حال أمها و تغفو تحت النخيل و تتخيل أنها نائمة في حضنه كما كانت صورته حاضرة أمامها دائما و هو نوع من الوفاء و الحب و في الأخير فرحت كثيرا عندما أثمر جهدها و عملها عندما شاهدت كرات ذهبية تتدلى من نخيل أبيها لتخبر والدتها التي ثمنت هذا الجهد الذي قامت به الفتاة واعدة إياها بمساعدتها و لن تكون لوحدها بعد اليوم بعد أن حضنتها و دموع الفرح شاهدة على ذلك و في الأخير تم الحصاد مع تقليد مهم هو الكرم المتمثل في العطاء إذ تقول ” و أعطينا مثلما أعطى أبي ” كل هذا “و كأن أبي معنا” لتكرر كل أعمال والدها كمواصلة حياته معهم حتى بعد مماته فالغياب الذي فرضه الموت لم يكن حائلا لمواصلة الحياة و متطلباتها بل مواصلة ما كان يحبه الذين فارقوننا نقول لهم نحن على العهد منتصرون للحب و منقادون للوفاء .
كان نص الكاتبة ريما زهير الكردي محملا بلغة سلسة و مفردات في خدمة مضامينها الحياتية و السلوكية كأهمية العائلة و التربية و العلاقات الأسرية التي يشقها الحب و الوفاء و الاحترام مع فكرة أن الفتاة لم تفهم بعد الموت و تقاليد الحزن الذي خيم على العائلة .