الحلقة الأولى :
بسم الله الرحمن الرحيم (ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم)( شهر رمضان الذي أنزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه)
طبعا رمضان آية من آيات رحمة الله بخلقه من خلال ما أودع الله في هذا الشهر الكريم من هبات ومكرومات أبرزها المضاعفة الكثيرة للحسنات وتصفيد الشياطين ..
يتجلى الله برحمته وكرمه لأن أول رمضان رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار .
يمنح الله المؤمن أسباب القرب والوصل بنفحات رمضان التي لا يكاد ينكرها مسلم . هذه النفحات تُعرِّفنا باسم الله الودود وهو الكثير الحب من خلال ما يمنحنا من فرصة هي نهاية عام مضى فيه ما فيه من السيئات والغفلة بما أن رمضان هو هذه المحطة التي نتزود فيها أكثر بالثقة في الله وذلك عندما يستقبل قلب المؤمن النفحات الربانية نفحات الرحمة والقرب وهو يعتقد في الله بأنه يغفر ما مضى من ذنبه .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما سبق من ذنبه) كما تزوده تلك الثقة بشحنات من التقوى وأجمل التقوى هي تلك المكتسبة حبا وكرامة لله لأنها تتجاوز بقيمتها ومعناها التوقي عن خوف أو التقرب عن طمع ..
نستنتج من الصيام حكما روحية لا تحصى من ذلك مثلا ومن منطلق الحديث القدسي لله سبحانه وتعالى الصيام لي وأنا أجزي به . يتراءى لنا من خلال هذا الحديث العظيم أن للصيام خصوصية تتجاوز عند الله غيره من المناسك والأركان إذ يكفي ان الله بكل جوده وكرمه وقدرته نسب الصيام إليه وأنه هو من يجزي به .
إذا كان كل هذا الفضل في رمضان فلا عجب أن تعم فيه النفحات والرحمات والبركات الملموسة وتصفد الشياطين .
شرع الله لعباده الصيام تدريبا لهم وتدرجا بهم في مراتب الإحسان بما أنه سر بين العبد وربه من حيث الالتزام هذا التدريب الرباني الحكيم يتناول جوانب حياتية حساسة وشديدة الحضور لدى الانسان كالأكل والشرب وغيرها فهو إذا صيام مادي وصوم معنوي عندما يستجيب الانسان لأمر ربه له بالصيام فسيتعهد نفسه بالمراقبة باجتهاد يختلف من شخص لآخر حسب نسبة الحضور القلبي والذهني لذلك .
رمضان محطة هامة من ناحية التربية الروحية من خلال مراقبة الله في الالتزام بالسمع والطاعة ومن ناحية التربية الجسمية بالانتهاء عما نهى عنه مما أحله في باقي الأيام .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صوموا تصحوا) ذلك ان الله جعل هذا الصيام وفقا لحاجة الجسم البشري الى حمية صحية مدروسهة بحكمة ربانية لا ندرك أبعادها مهما اجتهدنا .. فما أسعدنا بربنا الكريم الودود وما أكثر ما نبارزه بالمعاصي وما أسرع ما يبادرنا بالرحمات..
فاللهم أسالك لي ولكل متابع كريم رحمة منك لا تحصى ولا تعد وعطفا ورضا بفضلك إلى الأبد يا من يقصد عند الشدائد الواحد الأحد ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .