لفت انتباهه كيس أبيض من البلاستيك موضوع فوق الرصيف المقابل للمقهى على بعد حوالي عشرة أمتار، يستظل بفروع شجرة كبيرة بعيدا عن جذعها. يبدو أن بداخله شيئا ما. لا أحد يعرف محتواه إلا من وضعه هناك. خَمّن في البداية انه قد يكون في ملكية حارس السيارات، فهو قريب من المكان الذي يجلس فيه، ولا يمكن أن يمضي كل هذا الوقت ولا ينتبه إليه، ويفتشه.
يمر بعض الراجلين بجانبه.. يلتفتون إليه، ويُطلون على ما بداخله، ثم يتجاوزونه. كان على من وضعه أن يُغلقه بإحكام، ويربطه بخيط غير مرئي، ويختفي خلف الشجرة،مثل طفل من جيل الستينات أو السبعينات من القرن الماضي، يتقن خدعة الخيط والمحفظة.
تخيل نفسه طفلا يضع محفظة نقود وسط الطريق التي يمر منها الناس، يربطها بخيط طويل من البلاستيك غير مرئي، ويضعها في مكان لا تخطئه العين. ويراقب الفخ بحذر وتمويه، وهو واقف بجانب دكان الاسكافي، يتظاهر بالحديث مع الأصدقاء. يقف شخص ما، قد يكون رجلا أو امرأة أو فتاة أو طفلا. ينظر يمينا وشمالا حتى يتأكد بان لا أحد يراقبه، فينحني في محاولة لالتقاط المحفظة.. يجر الخيط، وتُجَرُّ معه المحفظة. يتتبّعها الطريدة بيده ونظراته، وهو محني.. عندما يكتشف الخدعة، يخيب ظنه، فيبتسم ونادرا ما يشتم ويتوعد، ثم يذهب إلى حال سبيله. وتتكرر العملية، ويتكرر معها اصطياد الطرائد.
توقفت سيارة للحظات.. عاد صاحبها من الشباك الاوتوماتيكي.. تحركت السيارة.. اختفى الكيس البلاستيكي.. لم يكن أي طفل مختبئ خلف الشجرة، ويربط الكيس بخيط سحري يشده بيده، ويسحبه كلما اقترب أحد منه.
بعد هنيهة قدم الحارس يجري من بعيد، وهو يلعن من أخذ الكيس في غفلة منه، ويسب من لم يؤد ثمن وقوف السيارة بالرصيف المقابل للبنك..
مراكش 08 اكتوبر 2018