بعدما لفظه خارجا رحمُ أمه، لفّته القابلة بخرقة بالية كقماط تحت سقف قصديري بزقاق مترب من أحزمة الفقر بضواحي المدينة، التي تبدو بين عماراتها العالية كنبات فطر بين أشجار الغابة الباسقة،ترعرع في كنف عوز عريق متوارث،التحق للتمدرس بمدارس حكومية تفرخ عقولا مدجنة،مشبعة بشعارات حزبية لا تنفك أبواق الدعاية عن بثها في منابر إعلامية،اغترف من أديولوجيتها الفارغة،قارع كل الصعاب في تحصليه الدراسي، إلى أن نال شهادات عليا، عزم ولوج سوق العمل طرق كل الأبواب، باءت كل محاولاته بالفشل، لينصاف لطواببر المعطلين، بعدها قام بتجربة بائع متجول،لم يجد موطئ قدم على أي رصيف أو ناصية شارع، فكلما ركن عربته المجرورة بمكان، إلا وأعوان السلطة مدعمين بقوة عمومية له بالمرصاد لطرده أشد طردة،كفر بكل الشعارات الزائفة التي أوهموه بها، غرق في مستنقع واقع مجحف كاد أن يحيله لحافة الجنون، بيد أن حاكم بلده ابتلي بجنون العظمة و وهم الخرائط،، ورغبة منه تمطيط رقعة سيادته، وبسط نفوذه يترامى على حدوده جيرانه، تدق طبول الحرب، فيزج به كأمثاله من المعدمين في أتون الوغى المستعر، لتلفظه فظاعتها،أعرجَ
يجرجر أذيال خيبة مريرة،بعد أن قايض وطنيته الحقة بساق صناعية مقرفة.