بمناسبة اليوم العالمي للمدرس وفي إطار برنامجها الثقافي للموسم 2024 ـ 2025 نظم المكتب الإقليمي لجمعية الأعمال الاجتماعية فرع مراكش حفل توقيع رواية الرفيق للأستاذ المبدع موسى مليح، يوم السبت 05 أكتوبر 2024 بنادي المدرس ابتداء من الساعة الخامسة والنصف مساء.
وهو النشاط الذي امتد لحوالي ساعتين ونصف، تخللته مجموعة من الفقرات منها التقديم الذي خص به مسير الجلسة حاميد اليوسفي الصديق موسى مليح ورواية الرفيق، ثم كلمة المكتب الإقليمي لجمعية الأعمال الاجتماعية فرع مراكش التي قدمها الأخ مسافري، وتناول فيها السياق الذي يأتي فيه الاحتفال هذه السنة باليوم العالمي للمدرس. وبعدها قدم الدكتور رضوان كعية والدكتور محمد ياسين والباحث مهدي ناقوس قراءات نقدية أضاءت العديد من الجوانب في الرواية، والكلمة التي ختم بها الروائي موسى مليح الحفل. وهي فقرات سنعود لنشرها لاحقا.
نص الكلمة التي قدم بها الأخ اليوسفي للحفل:
السلام عليكم
السلام عليكن
نلتقي اليوم لنحتفي بتوقيع الرفيق الحاج موسى مليح لروايته الأولى.. الرواية الحلم الذي ظل يسكنه منذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي عندما انتقل للعمل بدولة عمان. الحلم الذي لم يُكتب له أن يتحول إلى رواية إلا بعد مُضي أكثر من ثلاثين سنة.
وتشاء الصدف بعد كل هذه الأعوام، أن نجتمع نحن رفاق وأصدقاء الحاج موسى مليح تحت سقف جمعية الأعمال الاجتماعية لرجال ونساء التعليم بمراكش، وفي يوم يتزامن مع عيد رجال ونساء التعليم.. لم أعد أتذكر الكاتب الذي قال بهذه المناسبة مخاطبا نساء ورجال التعليم:
معظم الناس لا يتذكرهم إلا القليل من الأشخاص. أما أنتم فلا تنسوا بأن ألاف الأشخاص سيذكرونكم لبقية حياتهم..
كل الشكر والتقدير للإخوة المسؤولين في مكتب جمعية الأعمال الاجتماعية فرع مراكش.. هذه الجمعية التي لا يقتصر عملها على تقديم الخدمات الاجتماعية بل يمتد أيضا إلى تنشيط الساحة الأدبية والثقافية بالمساهمة في تحفيز وتشجيع المبدعين من نساء ورجال التعليم..
المحتفى به: الكاتب
المحتفى به اليوم الحاج موسى مليح. الرفيق والحاج وكأنه يجمع بين الماء والنار.. من مواليد مدينة مراكش سنة 1957. ورث عن هذه المدينة لذة الحكي، وخفة الدم، وحضور البديهة. عمل بميدان التعليم، ومعروف عنه أنه كاتب مسرحي وقاص، واليوم يُضيف إليه كتاب الرفيق صفة الروائي. ويُعتبر كذلك فاعلا جمعويا، له ابحاث في المسرح.. ويشغل أيضا مدير الملتقى الجهوي آيات ورير للقصة القصيرة بجهة مراكش آسفي.
المحتفى بها: الرواية
الكتابة في مجال الرواية مثل الولادة .. عملية عسيرة ومعقدة.. الكاتب والرواية وجهان لعملة واحدة.. كلاهما قطعة من الآخر.. الحمل في الولادة بمعناه البيولوجي عند الانسان لا يتعدى تسعة أشهر.. مع الكتابة قد يطول عمرا بكامله.. وهذا شأن الرواية التي نحن بصددها..
الرواية تحمل عنوان:
[الرفيق
قتبيت سلطنة عمان 1989 – 1990]
تاريخ تفصلنا عنه حوالي 34 سنة..
وقد صدرت عن مطبعة سليكي اخوين ـ طنجة / طبعة 2024، بغلاف من تصميم: ذ. الحسين ألحيان، والتدقيق اللغوي ل ذ. عبد الكريم حيدة.
ويتشكل عنوان الرواية من جزأين. جزء تختصره كلمة [الرفيق] وتحتل حيزا مهما في قلب صفحة الغلاف الأولى. كما تم نحت اللفظ بلون أحمر، وسط طريق يقف على يسارها خيال إنسان بأيقونة سوداء بين سماء ملتهبة، وأرض صخرية. تظهر في الواجهة الأمامية لصورة الغلاف قطعة حجر كبيرة، نُقش عليها الجزء الثاني من العنوان: [قتبيت سلطنة عمان 1989ـ 1990].
لفظ الرفيق لا يستقيم فهم دلالته بالعودة إلى معاجم اللغة العربية، بل لا بد من الاستعانة بمعاجم من نوع مختلف.. معاجم مشحونة بمرجعية سياسية وثقافية تنتمي لليسار.. معاجم تمتد عبر بقاع العالم من شمال غرب افريقيا إلى آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية لتلتحف بصحراء (قتبيت)، وهي صحراء تجمع بين الألفة والغربة والغرابة.
الحاج موسى كما يُستشف من سيرته الذاتية، ونحن كنا قريبين من أغلب محطاتها، خاصة في مرحلة التكوين.. التكوين الذي لم يقتصر على قاعات الدرس بل امتد إلى الشارع، وخشبة الحياة بقاعها الشعبي. لا أعتقد بأنه سافر إلى عمان لكسب المال.. موسى يعشق المغامرة. وقد يرى أنها طريق يُنقد الانسان من الرتابة، ويزجّ به في عوالم جديدة تُكسبه خبرات وتجارب، تُغني وتُعمق فهمه للحياة..
تبدأ المغامرة بصورة عثر عليها أبو خليل في إحدى المجلات، وقصّها ووضعها في حقيبته، سيجعل منها السارد حافزا يُشجع على مغامرة السفر إلى الشرق للبحث عن هذا الرفيق الذي يعد أحد رموز ثورة ظفار..
قتبيت نقطة في صحراء ممتدة الأطراف، ستجمع شخصيات من صحاري وأوطان مختلفة، يوحد بينها هذا القمع الذي يمتد من المحيط إلى الخليج.. كل صحراء وكل وطن يمثله مدرس يحمل قصة وغصة في الحلق..
أبو خليل سيدخل مغامرة جديدة، ويجد نفسه في طريق العدم إلى صحراء الربع الخالي.. الربع الخالي الذي تسكنه أشباح العالم السفلي في الأساطير القديمة.. عالم الداخل إليه مفقود، والعائد منه مولود.. أبو خليل سيقبض على الضوء الهارب.. الومضة التي تضيء الصراع بين شباب يحلم بقيم العالم الجديد، وبين أوتاد العالم القديم.
الرفيق هو احد مهندسي هذا العالم الجديد الذي يشكل نقطة ضوء هاربة..
الرفيق عنوان الرواية ـ الحلم، لم يمت في النهاية.. لقد زرع البذرة، وشيّد مقبرة لحفظ الكتب، وبنى متحفا للأسلحة.. وخلّف جيلا جديدا سيُعلمه أبو خليل القبض على الحروف، وتصويب الكلمات والجمل، وستعلمه موسكو ابنة الرفيق استعمال السلاح.. جيل طلائعه ستلتحق بالجبهة لحمل مشعل التمرد والثورة على أوتاد العالم القديم.. وكان لا بد أن تُمطر السماء في صحراء الربع الخالي..
تعود بنا هذه الرواية الى زمن الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وما تشكله هذه العودة اليوم من حنين ونوستالجيا، رغم أنه كان زمن قمع ومحن وخصاص كبير، خصاص في كل شيء.. الجميل أنه كما قال أحد الرفاق كان زمن الأحلام الكبرى، والأضواء الهاربة.. والأجمل أن رواية الرفيق حاولت القبض على هذه الأحلام، وهذه الأضواء الهاربة، بسحر اللغة..
قد لا أوفي الرفيق موسى حقه.. فهو أيضا جزء من هذه الأحلام والأضواء الهاربة التي يصعب القبض عليها ببضع كلمات.