
أستاذ جامعي يتحول إلى امرأة
أخذ الجريدة ووضعها جانبا حتى ينتهي من رشف القهوة. أثار انتباهه عنوان بالبنط العريض: أستاذ جامعي يُجري عملية في تركيا، فيتحول إلى امرأة! أخذ الجريدة مرة ثانية، وتأمل الصورة. لاحظ بأنها إذا لم تكن مُفبركة فهي بالفعل لامرأة، تبدو أنيقة وجميلة.
ـ يا إلهي تخيل أنك تحولت إلى امرأة!
ـ ولكن أنا لا أرغب في التحول إلى امرأة، وليست لدي ميول من هذا النوع.
ـ قلت لك فقط تخيل!؟
ـ لا أستطيع أن افعل. الله خلقنا رجالا لا نحب غير النساء حتى يتوفانا الأجل.
ـ أنت جبان، ولست جريئا. نحن نريد فقط أن نقتحم هذا العالم الغريب، ونرى ما يحدث فيه.
ـ ولو! أنا رجل يعيش في مجتمع متخلف، لا يقبل بهذا النوع من اللعب.
تذكرَ مرة أن صديقا قال بأنه إذا كان ديكارت يقول أنا أفكر إذن أنا موجود، فإن الكوجيتو في مجتمعه مُختلفٌ تماما. عندما يستيقظ الإنسان في الصباح، فإن أول شيء يفعله هو تحسس شيئه للتأكد بأنه لازال في مكانه..
الطعنة
طعنة غادرة من الخلف.. التفتَ لم يجد أحدا.. جسده ينزف دما.. اصفرّ لون وجهه.. سقط أرضا.. انتهى كل شيء. لقد رحل إلى العالم الآخر.
سأل نفسه:
ـ من أين جاءت الطعنة؟
لم يهتد إلى جواب.. فقال متحسرا:
ـ ربما الأجل انتهى، وجعلتك جهة ما تعتقد أن أحدا طعنك من الخلف.. قد تصدمك سيارة، ويهرب السائق.. قد تخلد للنوم، ولا تستيقظ أبدا. من يدري؟ كل شيء ممكن! المهم أنك لم تعد تنتمي إلى هذا العالم الفوق أرضي.
ـ وإذا كان الأمر كذلك، من أعطى الراوي الحق في الحديث عن عالم سُفلي لا أحد رحل إليه، وعاد منه ليحكي لنا ما رآه، وعاشه هناك؟!
خارجة من الحمام
لا تنس أنك أصبحت من مخلوقات العالم الآخر.. تخيلَ أنك تغادر البيت كالعادة. وأنت في الطريق إلى المقهى، تخرج امرأة من الحمام، وتسير خلفك.. تسمعها تناديك بالاسم. تلتفت، تنظر إليها، تبتسم في وجهك. لا تتعرف عليها.. لم يسبق لك رؤية وجهها من قبل.. تضطرب في سيرك. تسأل نفسك: ماذا تريد هذه المرأة؟ ربما تعتقد بأنك شخص تُحبه أو على الأقل تعرفه. والله يخلق من الشبه أربعين. يرتفع الصوت مرة أخرى، لكن هذه المرة بالغناء:
(خارجة من باب الحمام
قلت لو ما قال نعام
واحدة سابقاه القدام
وانا يعدّي بيّ الأيام..)*
لم تتبع أي امرأة من الخلف. نظرتَ في كل الاتجاهات. لم تكن أي امرأة تسير أمامك. ارتبكت لم تصدق ما يحدث..
الفقيه يؤكد بأن النساء في العالم السفلي لا يذهبن ولا يخرجن من الحمام.. النساء يعشن عرايا، ينمن تحت أشجار التفاح. وعندما يقفن، يسترن أشياءهن بورق التوت، ثم يغتسلن في مياه النهر..
وقبل أن ترحل، رأيت الشمس تميل إلى الغروب.. البخور يتصاعد من معابد بابل، واصوات نسوة يصعدن من الحقول إلى بيوتهن.. أصوات تشدو لحصاد يوم شاق..
مراكش 25 ابريل 2025
الهامش:
*مقطع من أغنية شعبية