تمهيد:
عن دار المتوسط 2022 صدرت هذه الرواية، وعلى صفحاتها التي تجاوزت المائة والستين صفحة نشرت الروائية عفراء محمود أحداث روايتها (بظل كبير) فجاءت متناثرة المقاطع بين تقديم وتأخير وتداخل كسرَ رتابة التسلسل الحكائي، وخالف الترتيب الزمني المعتاد، في محاولة تجريبية جادة للخروج بنص مغاير للمألو ومتمرد على السائد والمكرر في الساحة السردية، إذ تلتبس البداية على القارئ بالمقطع الأول المعنون ب 2012 ولا تُفهم أسراره وإشاراته إلا بعد إكمال الرواية ثم العودة إليه، وكأن الرواية هنا تقود القارئ من ختامها لتبدأ دورة جديدة من التضاد والثنائية الإشكالية للقطبين المتنافرين في الوجدان الإنساني، قطبي الطرد النفسي والاحتواء العاطفي، ذاك ينفّر وهذا يجذب، وما بين التباعد والتقارب والتنفير والجذب تتخلق تلك الذوات المضطربة نفسياً، والتي تسعى الرواية لرسمها عبر شخصية قوطي 2000 أو عبد العزيز، والشخصيات الأخرى، فهد وسلطان وخالد وسلامة وغيرهم.
ومن المقطع الأخير – بعد إكمال الرواية – الي رسم مشهداً سردياً لجلسة علاج نفسي نستنتجُ إن الرواية كلها بمقاطعها الخمسين هي عبارة عن بوح من مدمن متعافٍ لطبيبه النفسي يروي من خلاله حكايته مع الإدمان منذ البدء والأسباب وحتى إتمام التعافي مع الخروج بمضاعفات لابد منها كما يبدو وهذه المضاعفات النفسية هي التي دعته لزيارة الطبيب المختص.
حكاية الرواية:
ملخص هذه الرواية إن الصبي عبد العزيز متأثراً بجده يتعلق بحب الكتب والقراءة، هناك كتب كان جده يختاره لها، ومن هذه القراءات التي كانت تبهر الصبي حكاية صائدي الوحوش، فقد أحب أجواء المغامرات والخيال فيها، وفيها يتم صيد الوحوش الشريرة وتسجن في قناني زجاجية، وهي من التراث العالمي وربما تعود في الأصل لحكايات ألف ليلة وليلة والمارد الذي حين يتحرر من مصباح علاء الدين ينفذ كل طلبات مالك المصباح. من شدة شغفه بهذه الحكاية يشتغل خيال الصبي ويقوم هو بهذا الدور، لكنه يلتقط حاجيات وأشياء معينة يعتبرها وحوشاً ويسجنها في علب زجاجية أعدها لهذا الغرض. هل أراد الصبي عبد العزيز إنقاذ عالمه الصغير وما يحيط به مما به من شرور؟ هذا ما يبدو، فليس الأمر مجرد خيال ولعبة. لكن قوى الشر تلك كانت تتربص به ولم تسكت عن سجنه لأبناء جنسها، فأوقعت به.
إذا لم يكتف عبد العزيز بالتقاط أشياءه المتخيلة من بيتهم وحبسها في قوارير الزجاج وإنما شطح به الخيال ليأخذ لوازم مدرسية وأقلام ومساطر وحاجيات من حقائب زملائه ويحبسها أيضاً باعتبارها أرواح شريرة، وهنا داهمته عصابة من الأولاد المشتغلين بترويج المخدرات، سلطان وفهد وغيرهما، واتهموه بالسرقة ومقابل ألّا يشكونه إلى إدارة المدرسة، أجبروه على الاعتراف بسرقاته ووثّقوها بالفيديو، ثم طلبوا منه العمل معهم.
يحاول عبد العزيز أن يتغيّب ويتهرّب من المدرسة ولكنهّم في النهاية أمسكوا به وأوجعوه ضرباً حتى اضطر للرضوخ لهم والعمل معهم ثم انزلق به الحال الى التعاطي ثم الإدمان وخاض من بعد رحلة التعافي، وأخيراً جلسات العلاج عند الطبيب النفسي المختص ليروي له ولنا كل تلك الحكاية، حكاية رواية ( بظلٍ كبير).
ثريات النص:
عنوان الرواية وغلافها والإهداء:
ساد في أوساطنا الثقافية خاصة المعنية بالنقد الأدبي منها استخدام مصطلح العتبات النصيّة للحديث عن مقدمات النص ومفتتحاته كالعنوان والغلاف والإهداءات والعبارات الافتتاحية، لكنني لأسباب تتعلق بذائقتي العربية أرى إن مصطلح ثريا أو ثريات النص المنسوب لجاك ديريدا وكان عنواناً لكتاب أستاذنا الراحل محمود عبد الوهاب( ثريا النص/ الأعمال الكاملة – دار شهريار- 2022) هو الأكثر لياقة لوصف العنوان والعنوانات الثانوية لارتفاع المكان الذي يشير إليه، والعنوان مرتفع ذوقاً وفهماً وكاشفاً بدرجة ما عن النص، بينما العتبة تشير إلى تحتية المكان فالفهم العربي للكلمة يقودنا إلى ما تحت الباب لا إلى أعلاه. كما أن كتاب جيرار جينيت هذا الذي تلقفه أغلب النقاد العرب لم يترجم كاملاً بعدُ إلى العربية إنما تُرجم منه فصل واحد في كتاب ل ” عبد الحق عابد ” تحت عنوان ” جيرار جينيت من النص إلى المناص / ناشرون- بيروت- 2007 ” ومنه أخذ النقاد مصطلح العتبات وانتشر، ولكن هذا المصطلح مر بتحول دلالي كبير عند ترجمته من الفرنسية إلى الإنكليزية ( راجع دراسة الدكتور عادل الثامري: صحيفة الزمان اللندنية- طبعة العراق- 8-11-2025) ومن أهم ما ورد فيه إن ترجمة مصطلح العتبات من لغته الأصل الفرنسية الى الانكليزية جرده من الشعرية التي يحملها مصطلح جيرار جينيت seuils وحدّده بتقنية باردة ب paratext. ولهذا استخدمتُ مصطلح ” ثريا النص” بما يعنيه من علو وإضاءة الطريق نحو النص، وأدعو إلى إشاعة استخدامه بدلاً عن مصطلح العتبات، ولا مجال هنا للتوسع أكثر.
عنوان الرواية: بظلٍ كبير.
يتسق عنوان الرواية ويتناغم مع سيرة الشخصية الأساس في الرواية، فهو على صغره حجماً وعمراً بدءاً من العاشرة من العمر وزائداً، لكن ما تركه على مساحة المتن كان ظلاً واسعاً وكبيراً لا يتناسب مع عمره وحجمه، فالأحداث الجسام والمعاناة والمصاعب التي واجهها كانت كبيرة إلى درجة أن تكون هي الواقع وشخصيته الحقيقية هي الهامش والظل. وقد يرى قارئ ما إن عنواناً كهذا لا يكشف عن النص كما تكشف الثريا عما حولها عادة، لكن حالة الصبي المدمن وهلوساته وما يكتنفها من غموض يتوازى مع هكذا عنوان لا يتسم بالوضوح لكنه ليس غامضاً تماماً، كما أن كشف أسرار النص من خلال العنوان يسيء إلى متعة القراءة ويقلل من جاذبيتها، فالمطلوب هو ثريا ذات إضاءة جاذبة للقارئ كما يجذب النور الفراشات، وليس ثريا كاشفة عن الأسرار ومحبطة لجمال الأسرار ومفاجأتها.
من زاوية أخرى لا أرى كقارئ إن عنوان هذه الرواية يقتصر على العنوان الرئيس الموجود على غلاف الرواية، وإنما يمتد العنوان متسلسلا ليشمل كل العناوين الفرعية التي تجاوزت الخمسين، ويشكل منها جميعاً مع العنوان الرئيس عنوانا طويلا يتجاوز المائة كلمة! وهذا أمر لافت وجديد وغير مطروق، حتى وإن لم تكن المؤلفة قد قصدته، لكن قناعتي الشخصية بالفكرة القائلة إن من تسالمنا على تسميته بالمبدع أو المؤلف ما هو إلا ساعي بريد مهمته نقل النص الرسالة من القوة المبدعة الغامضة الى القارئ، وإن أركان العملية الإبداعية أربعة، وليست ثلاثة كما هو معروف، فبدلاً عن (مبدع – نص – قارئ) تكون العملية الإبداعية وفقاً لما طرحته في كتابي (القراءة تحت الحمراء) كالآتي (القوة المبدعة الغامضة – ساعي بريد ” المبدع” – نص – قارئ). والقوة الغامضة المبدعة هي من شكّلت هذا العنوان الطويل الممتد من بداية الرواية إلى نهايتها والذي لم يسبق لأحد أن صاغ مثيلاً له.
كما أن تناثر عنوانات الرواية بهذا الشكل، واضطراب تسلسل إحداثها، يتساوقان مع اضطراب شخصية عبد العزيز (الطفل البرئ/ محب الكتب/ المدمن/ المتعافي/ المضطرب نفسياً). وباختصار إن العنوان الطويل المتناثر على امتداد متن الرواية والموزع من دون تسلسل زمني، يتماثل مع تناقضات الراوي عبد العزيز واضطراباته بحالاته المختلفة.
وثمة ما يلفت النظر ففي (ص 13) في بدايات الرواية يواجهنا نص للشاعر الإماراتي أحمد راشد ثاني، كما أن الرواية تختتم بنص آخر مكثف للشاعر ذاته، والغريب إن هذا الشاعر توفي سنة 2012 بينما يحمل أول مقطع من مقاطع الرواية التي تجاوزت الخمسين عنواناً هو (2012) فهل لهذا الرقم علاقة بالشاعر الراحل، أم أنها سنة ابتداء الأحداث أو انتهائها كما قد يتبادر للقارئ؟ ومن جهة أخرى نجد أن أحد كتب الشاعر ولعله أهمها يحمل العنوان التالي ( إلا جمل حمدان في الظل بارك) بينما عنوان الرواية (بظل كبير) وهذا الاشتراك اللفظي والإيحائي كاشف عن التداخل الشعري والسردي في الرواية، وإن بدا مثل هذا الرأي تطرفاً في تقويل النص ما لم يقله، ولكنها قراءة، والنص الثري هو الذي يتكاثر لا بتكاثر قرائه حسب، بل بتكاثر قراءاته.
غلاف الرواية:
من الواضح لقارئ الرواية المتتبع لأحداثها وإشاراتها إن كل ما يحيط بالشخصية الأساس في الرواية وراويها الأول ( 2000 قوطي أو عبد العزيز) هو أسود ومظلم ومخيف، وهكذا جاء تصميم ولوحة الغلاف متساوقاً مع متن الرواية، وهذا يحسب للمصمم والمؤلفة معاً، بل إننا كقراء سنلاحظ هشاشة الكائن المنطوي والمحاصر بالظلام، ومدى التشوهات التي نالت من بياض رأسه ( درجة أدنى من البياض) واختراق بعض خيوط أو سكاكين الظلام الأسود لرأسه وجسده الرمادي، وكون الجسد رمادياً يعني غزواً أكثر للسواد والظلمة، يقابل هذا الترنّح أمام حصار الظلام وجبروته، اتساع مساحة السواد وصلادته الظاهرة وإطباقه على الكائن الهش المتشخّص بوهنٍ في وسطه، وإن كانت هناك اشعاعات خفيفة بثها الكائن، وتمكنت من اختراق الظلام بخُطيطاتِ بيض، لقد كان الغلاف باشتغاله على التضاد اللوني بين البياض والسواد وما بينهما من مساحة رمادية معبّراً بجمالية فنية عن مكنونات السرد في المتن الروائي وثنائية الطرد والاحتواء فيه.
الإهداء:
إلى الثقب الأسود الذي يلاحقكَ:
كل شيء ممكن الحدوث..
ابحثْ عنك في داخلكَ..
كما كل الأجرام في الكون مهددة بالابتلاع من الثقوب السود عالية الجذب والكثافة، فإننا كبشر مهددون بالابتلاع من ثقوب سود مثلها صنعتها البشرية على مر بالعصور بممارساتها وسلوكياتها المنافية للفطرة والطبيعة، ومنها تعاطي المخدرات مثالاً لا حصراً، هذه الثقوب السود كما يرى الإهداء يمكن أن تهزمها، فقط ابحث عن عناصر قوتك بداخلك، لا تنتظرها من الخارج ولا تستوردها جاهزة معلبة، وهكذا كان عبد العزيز بحث عن خلاصه وقرر وتعافى ثم واصل رحلة العلاج النفسي، والإهداء يقول لنا أنه سينتصر.
متن الرواية: وقفات..
• إن البناء الفني للرواية وتشكله من مقاطع عديدة ومتنوعة متداخلة ومتقاطعة منسجمة ومتضادة مع بعضها ينسجم مع حالة الراوي وموضوع الرواية وثيمتها وهو الإدمان ورحتي التورط به والخلاص منه. كما إنه – البناء الفني – يتسم بالدائرية كما تقدم إذا يبدأ من المقطع الأول المعنون 2012 كما يبدأ ثانية من المقطع الأخير وعنوانه ” اليوم الأول”. وهذه الدورانية أو الديمومة السردية تشير إلى أمرين: الأول إن حكاية أو معضلة الإدمان هذه لا تنتهي بيسر وسهولة ولابد من مكافحة استراتيجية بعيدة الأمد للحد منها أو القضاء عليها؛ والثاني إن ضحية الإدمان سيعيش بدوامة لا تحدها بداية ولا نهاية تماما كالفراغ المرعب الذي تمثله الثقوب الذهنية السود في عقل الضحية وحياته وسلوكياته.
• يكاد الأب في هذه الرواية أن يكون غائباً أو مغيّباً، كل الآباء تقريباً لا حضور لهم عدا إشارات سلبية هنا وهناك وهذا يحتاج إلى قراءة نفسية تحليلية لا مجال لها هنا، لكن هذا الغياب والتغييب قد يكون مساعداً في فهم وتحليل شخصيات الرواية خاصة عبد العزيز، وكذلك فهد وسلطان ودرويش وهم جميعا لم نلحظ أي وجود لآبائهم، ومعهم حتى خالد صديق عبد العزيز الأكثر اتزانا من غيره، وهنا استحضر كتاباً عنوانه ( رائحة الجوافة ) يضم حوارات مع ماركيز الذي قال في إحدى إجاباته أنه حين شرع بكتابة روايته( خريف البطريرك) قرأ سيرة مائة دكتاتور من مختلف بلاد العالم ووجد إن كل هؤلاء أو أغلبهم – لا أتذكر تحديداً – كانوا بلا آباء! إن غياب الأب له دور سلبي مدمر على حياة الأبناء، وهو ما حدث لعبد العزيز مدمن المخدرات الذي تعافى بفضل أم خالد وليس أمه أو أبيه !. يقابل هذا الغياب حضور قوي للأم، أن أم عبد العزيز بسلبيتها ودورها المربك في حياة ابنها، وأم فهد بدورها لمخرب للمجتمع عبر الترويج للمخدرات، وأم خالد المثال الإيجابي للأم الطيبة، كان لهن حضور طاغ في الرواية وأحداثها، ومع أن الغلبة العددية النسوية كانت للتأثير السلبي، لكن النهاية كانت انتصار للمثال الإيجابي أم خالد. ومع كل هذا فإن جميع من حاول عبد العزيز التعويض بهن عن افتقاده لحنان والدته الحقيقة وأمومتها، لم يستطعن تعويضه عنها، وحتى تلك الجارة الحنون التي خرب شجرتهم، كلهن لم يعوضنه عن حنان أمه المفتقد، وبقي انشداده لأمه حتى بعد تعافيه وتعاظم شعوره بالوحدة مما اضطره إلى اللجوء للعلاج النفسي.
• على الرغم من أن السرد المباشر حظي بنصيب أقل في هذه الرواية، لكنها وجهت نقداً لاذعاً لإهمال الأسرة والمجتمع للأولاد، مثل عبد العزيز وهنادي أخت درويش وغيرهما، ثم أدانت الإزدواجية في تقمّص الآباء والأمهات والمجتمع عموماً لدور القاضي والجلاد ضد المدمن، الذي هو نتيجة من نتائج الإهمال الأسري والمجتمعي وضحية من ضحايا سوء التربية والإعداد، حتى إن الناس رفضوا الصلاة على مدمن متوفى، ولم يصل عليه سوى من يعرف معاناة الإدمان من المدمنين المتعافين. لقد كشفت الرواية عن حياة حافلة بالعذابات والألم والفراغ والوحدة الخانقة التي عاشها الصبي المدمن عبد العزيز، حتى أنه كان يتمنى لو أن النملة تكون صديقةً له (ص28)، وضمّت مقاطع عديدة لأحلام مرعبة وكوابيس وهلوسات كشفت عن تلك الوحدة والمعاناة التي يرزح المدمنون تحت كوابيسها الخانقة.
• ” سأبرحهم ضرباً.. سأنتقم.” عنوان لأحد مقاطع الرواية، لكن ما يوحي به هذا العنوان إن عبد العزيز هو من سينتقم ويضرب الآخرين، إلا أن ما حدث هو العكس، مما يشير إلى أن العنوان هو نوع من الرغبة والتمني، وهذا اشتغال جميل من المؤلفة، لتعبر به عما يجول بخلد الضحية الضعيف أمام المتجبر القوي. ص32. وضمن المقطع ذاته كانت الإشارة موحية حيث أن عبد العزيز يجمع مصروفه لشراء الكتب منتمياً لجده (يمثل الأصالة والتراث الحافظ للهوية) لكن عصابة المخدرات يسرقون هذا المال، أي إنهم مدمرون ومخربون للهوية والذات الحضارية للمجتمع.
• في (ص 138) هناك ظهور ولنقل إنه ظهور باهت لخال عبد العزيز وأسرة خاله، من دون مقدمات، واختفاؤهم من أجواء الرواية بعد هذا، وهكذا الأمر مع هنادي أيضاً، وبقيت المعلمة الضحية من دون حضور كاف في الرواية، وهذا مما يخل بالنسيج السردي فلابد من تبرير وتمهيد لظهور أو وجود أية شخصية أو حدث في العمل السردي. وقد يبرر هذا الحالة الذهنية للراوي كونه متأثراً بإدمانه السابق واضطراباته النفسية.
• إن الرواية تحمل رسالة مفادها إن التشبث بالهوية الحضارية للمجتمع ممثلة بشخص الجد وبالثقافة ممثلة بالكتب والقراءة الموجهة هما من يوفر الوقاية من مرض نقص المناعة الفكرية المتسبب بالكثير من كوارث تمزق الذات وخراب المجتمعات.
ختاماً أحيي الأستاذة الروائية عفراء محمود وقدرتها الفنية على مناغمة الحال الذهنية لشخصيتها الرئيسية مع البناء الفني للرواية، ومع ثريات النص فيها من عنوان وغلاف وإهداء، وما كان هذا لينجح لولا براعتها الإبداعية وعينها النقدية الدقيقة، كما أثني على نجاحها في الممازجة بين ثنائية الطرد والاحتواء في كتابتها لهذه الرواية المتميزة، وفي رسم عناوينها وأحداثها بطريقة أرادت لها أن تكون جديدة ومختلفة؛ وأتضامن أخلاقياً مع الدور التربوي والمجتمعي الذي نهضت به، ولا شك إن فن الحكايات والسرد مؤثر قوي في توصيل الفكرة والمغزى وتحقيق الأهداف الاجتماعية المرجوة من المضمون الأخلاقي في العمل الفني.
البصرة – الشارقة
تشرين ثاني، نوفمبر 2025