* إلى من لم يحسم أمره بعد: قرية أم مدينة؟
إليكَ،
أيّها المخلوقُ الذي صاغته الريحُ من ثلجٍ مرتجف،
ومن رمادٍ خائفٍ لم يكتمل احتراقه.
إليكَ،
يا من غسلتَ يديكَ من الوجع،
ووقفتَ عند عتبةِ الحياة
تتوضّأ بالصمت
كأنّ الكلامَ خطيئةٌ
تجلبُ عليكَ لعنة الضوء.
وجهُكَ الأبيضُ…
لا يشبه النهار،
بل يشبه كفنًا يبحثُ عن جسدٍ
يسكنه.
تتجوّلُ في الأخبار ظلًّا باهتًا،
تعشقُ الأكاذيب
كما يعشقُ الجائعُ كسرةَ الوهم،
وتسجدُ عند منابرٍ
تتغذّى من ضعفكَ،
وتمنحكَ وعدًا
يذوبُ في فمكَ زبدا.
يا متفرِّجًا صامتًا:
كم مرّت في عينيك صيحة
بحثتْ عن نافذة،
فأغلقتَ عليها الجفن!
كم هربتْ إلى أذنيكَ صرخة،
فدفنتَها
تحت طبقةٍ من الخوف!
وكم بعتَ ضميركَ
في أسواقٍ لا يرتادها
إلّا الذين تعوّدوا العيشَ
تحت ظلال الآخرين.
تتدفّأ بخطب الحكّام
كمن يمدُّ يديه
إلى نارٍ لا تحترق،
وتصفّقُ للكلام
بينما تكره الكلام.
تحبُّ اللِّجام،
وتؤمنُ أنّ الصوتَ جريمة،
وأن السؤال كل سؤال
بابٌ مفتوح على زوال.
خذْ هذه الجمرة:
جمرةُ الرفض،
ضعها على لسانكَ اليابس
لعلّ السيل يعود إليه.
وخذْ جمرةَ الوعي،
ربّما يصحو فيكَ
ذلك الذي لم يمت تمامًا…
ذلك الذي ما زال
يرتجفُ تحت الرماد.
الصمتُ يصرخ فيك:
اصرخ
لا تحتاجُ إلّا إلى حرفٍ واحدٍ
يُفتحُ كالسكين:
لا …
لا …
لا.
اصرخْ
أو مُتْ ببطءٍ
كحجرٍ يبتلعهُ الليل.
فصمتُكَ سياجٌ داخلي،
قمعٌ لا يُرى،
يتسلل بين الأضلاع
فتعشق الانصياع.
الصمتُ
وطن العبيد
يبنيه الخائفون بأيديهم،
ويسكنونهُ
يزينون بالخنوع أركانه،
ينتظرون اليوم البعيد
يوم عيد،
موقوف التنفيذ،
إلى حين
ينير الصوت من جديد.
أيت ورير نونبر 2025
نص في غاية الروعة
رسالة الى من جعلوا الصمت وطنا لهم
اعطاك الله الصحة استاذنا الفاضل