عيد ميلاد أسود
إنه عيد ميلاد عام 2006 ، و كنت في بيت العائلة في أبا ، قرية مغبرة في ولاية أنامبرا. كان وقتا سعيدا ، اجتمع فيه الوالدان و الأقارب و الأعمام و الأخوال و أبناؤهم و من لهم معنا قرابة خفيفة ، فتبادلوا لأخبار و الابتسامات و الطعام. و كان هناك موقف سيارات جيديد أمام بوابتنا. لذلك في الصباح يوقظني صوت النفير . كان خالي يشعر بالحبور لأن أبا ” تتطور ” ، لقد تم بناء فندق ، و ظهرت بيوت أعلى ثمنا ، و كان هناك مكتب بالجوار يؤجر الأفلام النيجيرية و الأجنبية. ها أنا أضبط نفسي متلبسة بمراقبة كيف تتبدل الأحوال . كنا في مرحلة طفولتي نصرف كل عطلة عيد ميلاد في أبا ، و أنا أتذكر هدوءها السابق ، و العدد الأقل من السيارات التي تزحف في الطرقات ، و ميولها غير العدوانية. قال أبناء العم ربما كانت أهدأ ، و لكن كان يتحتم علينا أن نرحل لنغرف الماء من الجدول. الآن لدينا خزانات مياه . و غير ذلك ، أنا أتذكر كيف كانت أبا أبرد و ألطف.
يتوافق عيد الميلاد مع الهارماتان ، و هو فصل قصير نهاره حار و مساؤه بارد لأن الرياح تهب و تغطي كل شيء بطبقة صفراء – بنية رقيقة ، في هذا الحين نحن نفرك بشرتنا و شفاهنا بكرات من الفازلين لمقاومة التشقق. و لكن كان جو هارماتان في عيد الميلاد هذا مختلفا. حرارة مرتفعة ، مع أمسيات بلا اتجاه معين.. في أمسية ترتفع الحرارة فوق التوقعات فأستلقي على فراشي و يلتصق جسدي بالملاءات بسبب التعرق. و في أمسية أخرى ، تنخفض الحرارة فأرتدي كنزة و أربط وشاحا حول عنقي. شيء ما طرأ على الطقس و على العالم و وضعني في دائرة مغلقة من التحير و الدهشة. و كلما أمعنت بالتفكير أشعر كما لو أنني بلا حيلة. و في ذهني أرى صورة أبا و هي تمر بنوبة حرارة شديدة لا يتحملها الإنسان. أو ربما أنا أبالغ في التصور ، و لعل سبب ذلك الصور و الخيالات المتبقية في ا لذهن من أفلام شاهدتها حول ذوبان الجليد.
بعد نهاية عيد الميلاد ، ذهبت إلى لاغوس و كانت الحرارة غير مقبولة ، حتى أن التنفس أصبح مهمة شاقة. لقد استنزفت طاقتي. أن تجلس في سيارة من غير مكيف هواء شأن يشبه العذاب.هل كانت الأمور دائما بهذا الشكل ؟. كان الناس يتجولون و تحت آباطهم بقع داكنة من العرق. راقبت السيارات القديمة و الحافلات و هي تدب في الزحام تحت خيمة من دخان احتراق رمادي كثيف ، و تساءلت: كيف تتصل هذه الأشياء ببعضها : دخان الاحتراق ، مكيف الهواء ، الحرارة التي تزهق الروح. في السيارة التي هي خلفي كان سائق الحافلة يضع عكسه على طرف النافذة المفتوحة ، و لكن الحافلة كانت طاعنة بالسن و منهارة و تبدو مثل قطعة خشنة من المعدن المترابط كيفما اتفق. و كان يجرع الماء من عبوة بلاستيكية ، و في النهاية رمى العبوة من النافذة ، ثم تخطانا. كان دخان سيارته تقريبا أسود كالليل. و تساءلت في سريرتي كم مقدار الرفاهية الذي أنعم به ، لقد كانت لدي ميزة ، الوعي و الإحساس بتقلبات الطقس. و تساءلت أيضا : هل لدى سائق السيارة العامة ، خلال نضاله لتوفير ما يكفي من نقود لأفراد عائلته ، وقت يقلق فيه على أحوال الطقس و ارتفاع الحرارة.
————————————-
شيماماندا نغوزي أديشي : مولودة في إنوغو بنيجيريا عام 1977 . ظهرت لها رواية ( الأقحوان القرمزي ) عام 2005 ، و رواية ( نصف شمس صفراء ) التي تصور حرب بيافرا و صراعها من أجل الاستقلال ثم عودتها لأحضان نيجيريا. لها مجموعة من القصص القصيرة بعنوان( العقد الذي حول رقبتك ). تخصصت في الولايات المتحدة بالدراسات الإفريقية.
تعتبر اليوم من الأصوات الإفريقية المتميزة التي تعالج آلام القارة السمراء، و محاولاتها لتجاوز الضلال الاجتماعي و العرقي.
Black Christmas by Chimamanda Ngozi Adichie, signandsight.com – let’s talk uropean.30,05,2007.
•الترجمة عن النص الإنكليزي كما يظهر في موقع داريا تونغا Daria Tonca الخاص بالكاتبة ، و ليس عن النص الألماني الذي نشر به المقال لأول مرة.