جمجمة بحجم الرؤيا
دمها يلبط
بين شروق الخوص
وغروب الموج
تتأرجح
من نجمة الخفاش
بحبل النار !
خريشات ظلماء تعبر ليله الأعمى كالأشباح بمخالب تتهاوى في الصدر كخفافيش تعشق الظلام .. يواجه أعاصير تحمل في حنايا القلب حزن يقاوم الألم والأنين .. يخرج من جوارحه غراب يجمع في نعيب أسود أصوات الكون , يغتال حلمه وأمله خوف ينهي كل وجوده .. يغرق في بحر الكلمات ولن تنقذه من الغرق أجمل حوريات البحار ..
عن دار الينابيع ” دمشق ” صدرت للشاعر عبدالله حسين جلاب المجموعة الشعرية ” خربشات بمخالب الغراب ” قصيدة الإيقاع / 2009 وتضم ( 21 ) نصا ً شعريا ً ودراسة في الحداثة .. جاء في بداية دراسة الشاعر المقدمة للديوان :
” الوجود ُ بحر ٌ لا نهائي ّ ٌ , غوّاصه ُ الشاعر ُ , دررُه ُ نصوص ٌ , إيقاعُها مزاج ُ الأمواج , فالكلمة ُ موجة ٌ في الوجود , في ارتفاعها وانخفاضها وحتى في تلاشيها أو في تلاحمها مع الأ ُخر ِالموجات ِ تكو ّن ُ إيقاع النص ّ ..
تدور بها الأرضان :
واحدة تقبل
وتدبر أخرى..
فتمتزج الألوان ..
يأخذ كل وجه
لون القطن
وعينا واحدة كالسماء
ألوان في القلب تنشد قنديلا ً يضئ ُ ليل الغربة والترحال .. عين تحمل أوجاعا ً وتصعد سلم السماء وتسأل عن خطى تحمل غيوما ً بيضاء وتطوف كأسراب الحمام
.. محصّنة ٌ ومكتنزة ٌ كجوزة القطن تشابك عينيها المطبقتين ..
يحوم بجناحيه حيال
نخلته المقطوعة القلب
مختنقة في منقاره
زعقة سوداء
طيف يحوم في محارة الروح , يبحث عن نفسه في ذاكرة الأيام .. يتذكر في أعماقه عن جرح ٍ يؤلمه وجمرة تحرقه ُ كموقد .. يرسم من أول نخلة ٍ إلى آخر النخل ِ وينقض ّ على آخر حلم ٍ من أحلامها عندها يغيّبه الغراب ..
بلا أعين زواحفها
تبتلع السماء ..
فتهبط في بومها
الظلمات !
حزن ٌ مخبأ بين زرقة السماء وأنياب الأرض .. يقطع وحده الليل في ترابه البعيد ليزف ّ كطائر إلى منفاه .. يهطل عليه الليل ويسمع تحليق جناحيه عندها يدق قلبه المسافات وتغلق بضربتها عينيه فيصبح له وجه ٌ آخر ..
في غابة صفراء
تئن ..
كف بعينها الزرقاء
في نصف محارة
تحط ..
قماشه سوداء
تلف بدم الغزالة
نجم الماء !
خنزير بجناحيه يحلق فوق المد
من وراء الغيب يسقط بجناحيه كريشة ٍ تشع ُ كأصابع الأشباح .. أجنحة الأشجار تنزف مطرها الأصفر ويقرأ البحر كله .. موجة ٌ عالية ٌ متكسرة يدخلها على مرأى من عين الشمس ليرسم بريشة قلبه شمسه الزرقاء ..
يبقى يحلق في مغرب الكون ويهبط كالطير يتحسس حركة الكون فينقض ّ على ظلمته ليعاود التحليق .. ملكات الليل تتدلى من حفيفها درة الأعماق كرذاذ على بقايا الصخور في السواحل والمجاهل .. شجرته السوداء عقاربها في مهب الريح ينفخ فيها النار حطـّت بين المخلب وتتصايح في ذاكرتها الأشباح ..