” أنكم سوف تكسبون، ولكنكم لن تنتصروا “عبارة هي جزء من خطاب البروفسور أونا مونو وهي العنوان الاصلي لكتاب “الحرب الأهلية الأسبانية” 1936-1939 للمترجم الدكتور ضرغام الدباغ، وقد نشر هذا الكتاب في مجلة دير شبيغل التي تصدر في مدينة هامبورغ بجمهورية ألمانيا الاتحادية (سابقا قبل أن تتوحد) في أربعة أجزاء طويلة. في أعداد المجلة 32 – 31 – 30 – 29 لشهر تموز / 1986 بمناسبة مرور نصف قرن على اندلاع الحرب الأهلية الأسبانية من قبل الكاتب زيجفريد كوكلفرانتز، والعنوان الجديد وإن كان أقل إثارة، بيد أنه أكثر دقة ومباشرة ودخولاً في الموضوع, وقد صدر هذا الكتاب عن دار ضفاف للنشر والتوزيع (الشارقة – بغداد) بغلاف أنيق وفاخر.
وإذا كان الكاتب زيجفريد كوكلفرانتز، وهو من المحررين الأساسيين في المجلة غير معروف تماماً لقراء العربية، فالكتاب بلاشك نادر في موضوعه، بل نكاد نجزم أن المكتبة العربية تفتقر أشد الافتقار إلى تاريخ الحرب الأهلية الأسبانية، وتكاد أن لا تتجاوز معلومات القارئ العربي، وحتى المثقفين، معلومات مبتسرة جمعها من هنا وهناك، من مذكرات بعض السياسيين المعاصرين لها أو من تصريحات قادة الأحزاب، أو من الموسوعات التي تتناول عادة الأحداث بشكل مقتضب، أو من الروايات، أو حتى الأفلام السينمائية.
الكتاب يطرح العبرة، إن إطلاق العنان للعنف الوحشي، وتحكيم وسائل الدمار في الخلافات السياسية، سوف لن يؤدي إلا إلى تقويض أركان البيت الذي يجمع شمل الجميع، فبدونه سيكون الجميع مشردون، وجياع. إن فكرة تصفية الخصوم السياسيين نهائياً هي فكرة خرافية، وإلا فأين فرانكو اليوم، أين هم محترفو القتل، إنهم يرقدون في قبورهم، والحياة فرضت إرادتها وقوانينها. وأسبانيا اليوم ترشح وتنتخب وتنتخّب. ودماء مئات الألوف من الأسبان الذين فقدوا حياتهم في الحرب الأهلية … لماذا ؟ مئات الألوف من الأرامل والأيتام من الذين لم ينعموا بأحضان آبائهم … لماذا ؟ هل جرى كل ذلك ليبقى فرانكو في الحكم خمسة وثلاثين عاماً، فإسبانيا في عهده لم يكن لها نظام، لا ملكياً ولا جمهورياً، رأسمالياً كان أم اشتراكياً، ولا أي شيء آخر، كان نظاماً فرانكوياً فحسب..! الحرب الأهلية الأسبانية التي شبت نيرانها في 18 / تموز / 1936 ، لم تهدم ما تم تشيده في قرن كامل فحسب، ولكنها أيضاً طبعت بطابعها جيلاً كاملاً في أوربا من السياسيين والجنود والمثقفين والمثاليين.حين تتصفح هذا الكتاب يواجهك على غلافه لوحة.: أسبانيا 1939 للرسام الألماني آرنو رنك وانت تتابع القراءة تكاد تسمع اصوات المقاتلين وغضبهم , تطاردك اصوات الطائرات الحربية الألمانية التي ساهمت في قصف المناطق السكنية التابعة للجمهوريين ارسلها هتلر استجابة لطلب فرانكو , تتخيل خطوات سير افراد القوات الأممية الذين عبروا الحدود الى داخل اسبانيا لنصرة الحمر, ربما ستبكي لالام البشرية , للموت القاسي لاطفال ابرياء لاذنب لهم الاانهم كانوا في الجانب الاخر من الوطن, استغاثات الأمهات , جراح وطن في لحظة شيطانية زرعت حقدها الاسود في قلوب الاخوة الاعداء, حين يصبح الجار عدو, والأخ غريب , قصة الحرب الاهلية الأسبانية التي يحاول الأسبان عدم ذكرها حتى بعد مرور اكثر من خمسين سنة على انتهاءها ربما خوفا من نبش ماض قد يفجر جراح جديدة او هي رغبة في السماح لجراح الأخوة بالأندمال والتشافي ,كتاب نجح كل من المحرر الكاتب زيجفريد كوكلفرانتز والمترجم الدكتور ضرغام الدباغ باضافاته الرائعة للكتاب فاغناه واثراه بمقتطفات لشاعر اسبانيا وشهيد ثورتها المجيد فريدريكو غارسيا لوركا كما لم ينس ماتشادو شاعر أسبانيا العظيم الذي مات مشرداً و لوحة بيكاسو الرائعة جورنيكا التي خلدت مذبحة القرية الاسبانية.