د. أسماء غريب:
آدمُ ذاكَ العاشقُ السيزيفيّ
السّاكنُ بيْنَ أضلعِكَ
أعرفُهُ جيّدا:
إنّهُ أبي الموشومُ بصُلبانِ المحبّة
أبي الذي يصرخُ كلّ يومٍ
بين ثنايا قلبكَ الجريحِ
ويشكو لكَ جفاء الأنثى ومكْرَ بنات حوّاء.
وأنتَ أيضا تعرفهُ أكثرَ منّي
فهُوَ أبوكَ وفوقَ مرآة بئركَ أرى كلّ يوم
طامّتهُ الكُبرى ووجعَه الأزلي،
وجعَ الرّحيل من دار البقاءِ إلى دار الفناءِ
وألماً لمْ تستوعبهُ إلى اليوم ذريّة حوّاء
فلا تعْبَث يا حبيبي بالعشق معي
فلا أنت آدم ولا أنا حوّاء
ولا أنت تمّوز ولا أنا عشتار
ولا أنت باليُوسفيّ الهَوى
ولا أنَا بالزّليخيّة الأبوابِ
أنا منْ أعطاها المعمدانيّ اسمَه
ووهبَها النجّارُ المَرْيميّ قلبهُ
وأنتَ، آه منكَ، آه منكَ
أنتَ صاحبُ القِدْرِ الكبير
كلّ فجر تدخلُ غرفةَ حُروفكَ
وتنسجُ لي قصيدةً تُذيبُها في محلولِ العشقِ
وتصُبّهَا فرِحاً على حرفي المنقوعِ في قِدْركَ
وأنتَ تنظرُ إلى النّار وهي تصقلُ نقطتي البيضاء
وتنتظرُ بصبرِ العارفينَ، أعني أهل المشي فوق الماء
بُزوغَ شمسي الخضراءِ وخروجَ أسديَ الأحمر
منْ عرينكَ اليعقوبيّ الألمِ والأيوبيّ الجَلَدْ
وأنا، آهٍ منّي، آهٍ منّي
أنا صاحبةُ الصّواع القمَري
كلّ ليلة أقرأ صحيفة قلبكَ وأسبرُ أغوارَها
وأرى بداخلكَ نساءً من رصاصٍ
يُقاتلن أخرياتٍ من حديدٍ
وجنودا من ذهبٍ يَخرقُونَ
قلوبَ الحُوريات بسيوفِ كيُوبيد
لا تعبثْ يا حبيبي بالعشق معي
فأنت كأبينَا آدم لا تبحثُ عن حواء
تقتسمُ معَها الفراشَ فقَط
ولا عنْ أنثى تحفظُ لكَ نوعكَ البشري
ولا عن عشيقةٍ تُمطرُكَ بالقُبَل
وتُغذّيكَ صباحَ مساء بعسلِ الأبجدية
ولكنْ عن أمٍّ تداوي بيدهَا الطّاهرةِ
جراحَ فِراقِنا الأول عنْ معشوقنَا الأزلي
لا تعبثْ يا حبيبي بالعشقِ معي
فأنا مثلكَ منْ هُناكَ
ومثلكَ شربتُ من معينِ الكوثرِ
وتعَمدّتُ كالأنبياء بمياهِ نهر الأردن،
وغطستُ وسطَ مياهِ دجلة والفرات والنّيل
ومثلكَ لا تستهويني الغيوم العابرة
ولا صاحبَ لي سِواه، حبيبي وحبيبكَ
الثابتُ الغائب، والظاهرُ الباطن
الحي القيوم، والديمومي الأبدي.
إيطاليا، 14/02/2014
د/ أسماء غريب أيتها الشاعرة الرائعة الماتعة موفقة دئما:.. أيمن عبد السميع حسن – مصر
جزيل الشكر لك الأستاذ الفاضل أيمن عبد السميع حسن. تحياتي وتقديري.