هاشم تايه :
لا يَسعُ المرء إلاّ أن يضمّ اسم الكاتب جاسم العايف إلى طاقم الكُتّاب شديدي الاهتمام برصد الحراك الثقافيّ وملاحقة أحداثه، وما يُنتجه من آثار بالمتابعة، والإضاءة، والتقييم، كما لو أنّه ونظراءه يعملون في مرصدٍ للشأن الثقافي، يتابعون، بأعينٍ مفتّحة، حركتَه، ويُعرِّفون بما تُلقي به للتداول الثقافيّ. وهو عملٌ له أهميّة كبيرة بنصبِهِ شاشةً للتعرّف الأوليّ الذي يُطلع المثقفَ المهتمّ، والقارئ الشغوف على ما تُطلقه الرّحمُ الثقافية من ولادات، ويوفّر عليهما الوقت لوضع اليد على ما يرغبان فيه، فضلاً عن خدمته أرباب الكتب الذين يهمهم كثيراً أن يكون هناك من يتولّى ترويج أعمالهم في فضاء الثقافة. منذ سبعينات القرن الماضي، حيث رأيت جاسم العايف على منصّة نادي الفنون في البصرة، يُلقي بانطباعاته عن الأغنية السياسيّة على جمهور غفير – يا لتلكَ الأيّام! – وهو يضيف الكثير إلى رصيده من الاهتمام بشؤون الثقافة الحيّة وشجونها ومتابعتها راصداً، ومستعرضاً، ومُعرّفاً.قد تسمح لي طبيعةُ العمل الذي يقوم به الأستاذ العايف بوصفه بالمُستطلع الثقافيّ ذي القلب السّاخن الذي اختزنت ذاكرته وقائع الثقافة في مدينته البصرة، بفواعلها، والأجواء التي عاشت فيها، وغدا، بسببها، مؤهّلاً لكتابة التاريخ الثقافي لهذه المدينة بألقه وخيباته.يمتلك العايف ثقافة عريضة، وبصيرة ناقدة، ووعياً سياسياً واجتماعياً يمكن التعرّف على مصادره بقراءة أيٍ من مقالاته المنشورة في مواضيع وقضايا متعددة، وفيها، كلِّها، موقفٌ صريح واضح لمثقفٍ لا يهمّه غير الدفاع عن رِفعة الحياة. كتابه (مقاربات في الشعر والسّرد) سياحةٌ حرّة في حقول الإبداع بأجناسه الفنيّة المعروفة التي عبَّرت، بغير قليل من العناء، مطبات التاريخ الوطني وقلاقله، وفي هذا الكتاب يتجاوز الكاتب العرض التقليديّ البارد لما انطوت عليه صفحات الكتب التي استعرضها إلى إطلاق رؤية ناقدة تفحص، وتفكّك، وتحلّل بوعي جمالي، وتُنشئ انطباعات، وتنتهي إلى تقييم.والكتاب أخيراً احتفاء بما أنجزه أصدقاء الكاتب، وإشهار لما تنتجه ثقافة هذه المدينة العظيمة.
————–
الكلمة التي بدأ بها الزميل الفنان التشكيلي( هاشم تايه) في بداية الجلسة التي ضّيف فيها التجمع الثقافي الحديث في البصرة، الكاتب جاسم العايف ، صباح يوم الجمعة الموافق14 /3 / 20014 في مقهى أدباء البصرة