لثقافي في منتدى الجامعيين العراقي –الاسترالي بالشاعر وديع شامخ بأمسية على قاعة اليزابيث في نادي الموانتيز يوم الأحد المصادف 25 -5- 2014 The Elizabeth Room – Mounties club. 101 Meadows Rd, Mt Pritchard بحضور السيد باسم داود القنصل العراقي العام والسيد أشرف عبيد ممثل القنصلية المصرية ، وممثلو المنظمات والاحزاب والصحف والمواقع الإعلامية في سيدني مع جمهور نوعي كبير رائع .
برنامج الامسية كان حافلا بفقرات متنوعة من ضمنها حفل توقيع روايته الأولى ” العودة الى البيت ” والتي صدرت طبعتها الثانية عن دار ميزوبوتاميا في بغداد ، وقد ساهم في الأمسية باقة من المبدعين العراقيين في سيدني ، وشاركهم فيها قامات عراقية باسقة في حقل الشعر والنقد شكلت اقوالهم شهادات عن الشعر والرواية القيت خلال فقرات الاحتفاء .
في مستهل الإفتتاح رحبت مقدمة الامسية ” الشابة مينا شاكر ” بالحضور شاكرة لهم هذا التواجد الرائع قائلة : “يسرّ الصالون الثقافي بإقامة هذا الإحتفاء بالشاعر والكاتب العراقي وديع شامخ ، تتمة لنهجه في ارساء تقاليد واعراف ثقافية راسخة .. تتمثل في التعريف بمبدعنا العراقي تسليط الضوء على نتاجه واسهاماته في حقل الثقافة والابداع العراقي في الداخل والخارج ، ورصد الظواهر الثقافية والفكرية والجمالية عموما والإشارة اليها وتبني أماسي وندوات ونشاطات لها “
، ثم دعت الدكتور أحمد الربيعي رئيس منتدى الجامعيين العراقي – الاسترالي الى إالقاء كلمته ، فأعتلى الدكتور الربيعي المنصة ليرحب بالحضور ويعرّف بالمحتفى به وديع شامخ وبالصالون الثقافي ودوره في تصدر الحركة الثقافية في سيدني وأستراليا ..
الشاعر والناقد مكي الربيعي كان في مقدمة المتحدثين حيث ألقى شهادة أدبية عن الشاعر بعنوان ” قراءة استقصائية في تأملات وديع شامخ في حقلي اشتغاله الشعري والروائي ” جاء فيها : ليس سهلاً على الكاتبِ أن يحولَ مايتوفر بين يديهِ من كلماتٍ الى فعلٍ صادمٍ ، فتلك مهمةٌ بحاجةٍ الى معرفيٍ متسلحٍ بثقافة الشارع ، ( وأقصد بثقافةِ الشارع ) اليومي المتداول الذي تنتجه الحياة ، وماترشحُ عنه علاقاتِ الناسْ . أن التقاطَ الأشياء التي تقع خارج حدقة العين ، هو من أصعبُ مايواجه المثقف الموهوب ، …لم يكن ( وديع شامخ ) انتقائياً في التقاطهِ للأحداثِ التي يتناولها في كتاباتهِ فحسبْ ، بل يذهبُ أبعدَ من ذلك ، عندما يلاحق التفاصيل الصغيرة في حياة الآخرين . ….: أن هذا الفتى البصري المجنون ، مفتونٌ بالبحث تحت رماد الأشياء عن جمرةٍ توشمُ أصابعهُ بلذةِ الاحتراقْ . الكتابة لدى ( وديع شامخ ) ، تدخل بعض الأحيان منطقة اللهو والهزأ من الحياة ، وماتفرزه من تضاداتٍ وتداعياتٍ ، وصولاً لمنطقةِ خرابهِ وخيباتهِ الشخصية ، وهو يستيقظُ على انهيارِ القيمِ الانسانيةِ ، وضياع حُلُمهِ في ابتكار وطناً يليقُ بأحلامِ الشعراءْ . وما نزوحهِ نحو كتابةِ الروايةِ ، إلا دليلٌ على أن اللغة الشعرية لديهِ لم تعد بمقدورها الافصاح عما يدورُ بخلدهِ من أحلام ورؤىً”
بعدها قرأت المقدمة نبذة تعريفية عن الشاعر مؤكدة ” إن وديع شامخ شاعر أكلت الحروب نصف قامته ففرَّ هاربا بِحُلمه يكتبه شعرا في مجاميعه ” سائرا بتمائمي صوب العرش 95 البصرة، ودفتر الماء، 2000 بغداد ، مايقوله التاج للهدهد 2008 دمشق، مراتب الوهم 2010 دمشق ..وله مجموعة تحت الطبع ” مصور شمسي ” . تقول عنه المبدعة الكبيرة لطفية الدليمي ” البساطة الخادعة لدى وديع تقود الشعرية الكامنة في طوايا النص الى مديات رحبة تهب المتلقي مفاتيح النص , وتمضي غير آبهة بالظلال والتأويلات, غير معنية بالإبهار والصدمة اللغوية التي يراهن عليها بعض الشعراء , , وديع يراهن على القصيدة في عزلتها , براءتها وشغبها وغربتها وبذلك يحتفي بجوهر الشعر ذاته. القصيدة في عزلتها , وبراءتها وشغبها وغربتها وبذلك يحتفي بجوهر
وطلب من الشاعر قراءة مقاطع شعرية . بمصاحبة عازف الكيتار كارليتو عكّام .. وقد أفتتح الشاعر قراءته بنصوص قصيرة من الغزل ومنها :
غزل ليس عذريا
أنا نعاسُ شارد
أطبقي علي جفنيكِ
لنحلم مع
……..
لأنكِ ماهرةٌ بإصطيادي
صرت ُ الطُعم والصنارة ..
………………..
لإنكِ الشتاء
صرت ُ معطفا
………………
لأنكِ الصيف
مسحت جبيني بساحل الحب
وصليت ُ إستسقاءّ
…………….
لأنكِ الربيع
صرتُ فراشة ً
….
لأنكِ الخريف
صرتُ شجرة
……..
لأنك ِ الفصول
تدَحرجت ُ على الأفق كي أقص ّ على العالم حكاية حبنا المديد
ثم ختم قراءته بمقطع من نص طويل بعنوان ” أحبك يأستراليا “:
كم أحبك أستراليا
وانت بلا حسب ولا نسب
بلا تاريخ ولا مسلات غارقة في الوهم
أحبك هكذا
قارة دموعنا
وقامات من عسل
أحبك يا استراليا
لانك أرض المنبوذين والسجناء والخارجين عن قانون الكرة الأرضية
هكذا تساقطت الخطايا فأنبتت شجرة الحياة
……………………………………………………………………………………………………….
ومن أجل أن يكون الاحتفاء غير تقليدي ، كان للفنان التشكيلي حيدر عباس فقرة بعنوان ” حكاية غلاف ” قدمته مينا شاكر بقولها ” يرتبط الغلاف بالعمل الادبي ارتباطا عضويا لتداخل الجمال الفني في التصميم للتعبير عن روح النص ، وهكذا كان لرواية العودة الى البيت حكاية خاصة مع الأغلفة وكيف استقر على اختياره الأخير .. : فهو لم يكن صانع الحكايات وحده قد ختم الحلم ، فكان هناك حالم يقابله وهو صانع الأغلفة . هذه الحكاية سيرويها الفنان حيدر عباس الذي صمم غلاف الرواية في الطبعة الاولى والثانية”
تحدث الفنان حيدر عباس عن اهمية الغلاف بالنسبة للمتن الابداعي السردي او الشعري عموما وتجربته مع الشاعر شامخ بقوله” بعد ان رشحتُ مجموعة من اعمالي واشتغالي بمجموعة اخرى خاصة للرواية وتم اختيار واحد من اعمالي…لكني دائماً انحاز الى فكرة الجمال بوصفه خلاصاً…ولايهني اذا كان عملي او عمل فنان اخر لان الجمال في تصوري هو خلاص من اي شي قبيح او دنيوي.. لذا وقع اختياري انا على احدى منحوتات النحات الامريكي ” ثيودور
.اما غلاف الطبعة الثانية جاء الاختيار اسهل لي والى المؤلف لاننا لدينا تجارب سابقة وتجمعنا ظورف وهموم واحلام مشتركة لاننا ننتمى الى جيل واحد …..وكان غلاف الطبعة الثانية هو اخر تجاربي وهذه التجارب خلاصة تجربة ممتدة ل25 من العمل الجاد في محارب الفن “
مستخدما نماذج تطبيقية لكل الاغلفة التي رسمها او اللوحات التي اختارها وقد عرض اللوحات على الحضور من خلال شاشة سكرين كبيرة امتعت الحضور كثيرا.
عادت مقدمة الحفل مينا شاكر للقول ” اليوم يذهب الحلم بشاعرنا الى ارتياد حقل الرواية لتكون ” العودة الى البيت ” والذي قال عنها الناقد الكبير الدكتور حاتم الصكر “.. تثير رواية “العودة إلى البيت” للكاتب والشاعر العراقي المغترب وديع شامخ كثيراً من الأسئلة المتصلة بشعرية السرد الروائي، كالحدود الممكنة بين الرواية والسيرة الذاتية، ولغة الخطاب السردي ومدى توظيف العامية ليس في الحوار فحسب بل في مناطق الوصف والحدث أحيانا، والعلاقة بين الواقعي والفانتازي، والخيالي والوثائقي، والبعد عن الموضوع زمنيا؛ باسترجاع الوقائع عبر الذاكرة، ومكانيا لأن الكاتب مبتعد عن البصرة المكان الاول الذي تدور فيه الأحداث وافعال السرد.، كما تؤكد رواية وديع شامخ باحتدام تفاصيلها وانعكاسها على الشخصيات بانتمائها لقص ما بعد الحداثة في حاضر السرد ورصده للحظة عراقية استثنائية الالتباس، بالتحرر من الرسميات المؤطرة للسرد وشخصياته ولغته، وبالمزج الحر بين الرواية وما يجاورها من فنون”
وهنا طلبت من الشاعر أن يقرأ شهادته بسؤالها ” كيف يكتب الشاعر روايته الأولى “”؟؟
عاد وديع شامخ ساردا هذه المرة وتلى شهادة عن مرجعياته الاولى مكانا وتجربة وقراءة والتي شكّلت الخلفية والظهير المعرفي لاسناد الموهبة . مبتدأ من الخاص الى العام .. وجاء في شهادته ” لم أتطفل على حقل السرد ، جئتُ من الشعر محمّلا بسرهِ الدرامي وخزينٍ كبير من الحكاياتِ الشفاهية على سطوح الطين في محلة الجمهورية / البصرة حيث ولدت بعد الحكم الجمهوري بثلاث سنوات !!!. الجمهورية” الفيصيلة سابقا ” .. لاحظوا نسق التحولات في الحياة العراقية .. المدينة الشعبية التي أمدتني بشيطان القص وأرواح عوالمه السرية .. أتذكر الآن بوضوح يداني زرقة سماء البصرة في تموز القائض حين نذهب للسطح الطيني عصرا ونرشه بالماء ريثما يرحمنا بلمسة من نسائمه، هناك نرتقي السلم الحجري الملتوي ونحن نحمل ” دواشك القطن ومخدات الريش ، وشراشف للغطاء” نصعد السلم ببراءة عالية وفرح غامر حيث نتّحد بالطين ورائحة تبخر الماء وريح الشرق البصرية … ثم أنتقل الى جانب آخر من المؤثرات العالمية والروائيين العالميين وصولا الى السرد العربي ” تاج من الحكائيين وجبال من الخيال .. ورثت منهم بيضة الحكاية وحيمن التخصيب .، أصدقائي ” الطيب صالح / نجيب محفوظ/ عبد الرحمن منيف ، يوسف أدريس …/ . الطاهر وطار ، محمد شكري ، ….. فؤاد التكرلي ، غائب طعمة فرمان ، لطفية الدليمي ، محمد خضير ، محمود عبد الوهاب …. علي بدر ، عبد الكريم العبيدي / نصيف فلك / خضير الزيدي / والكثير .. الكثير .، وكان لشطحات المتصوفة والعرفانية الروحية رافدا مهما في إذكاء نار الحلم في تكويني الشخصي كمؤلف للحلم ، بعد أن كنت حالما وحسب”
ولم تخلو الامسية في تنوع فقراتها من الموسيقى ، حيث الموسيقى غذاء الروح .. وقد إستمعنا الى مقطوعتين موسيقيتين مع الموسيقار عبد الله خوشناو بمصاحبة عازف الكيتار كارليتو عكّام .. حيث اشتركا في تقديم موسيقى عذبة و كانت بشكل مقطوعتين منفصلتين ، الاولى ابتدأها بصولو على العود الفنان خوشناو في جولة موسيقية من مقطوعة بعنوان “بغداد ” للفنان الخالد ” منير بشير ” وقطع أخرى من التراث العراقي ومقاماته الأصيلة . اما المعزوفة الثانية فقد كانت لمجموعة مختارة من الموسيقى والمقامات الكردية والاشورية والتراث الموصلي . وكان عازف الكتيار كارليتو قد صاحب خوشناو ” بكورداته ” الرائعة التي اضفت جمالية عالية للمزواجة بين آلة العود الشرقية الاصيلة والكيتار الغربي ..
ثم جاء دور الفنان ” متينا الريس” ليعرض فلما بعنوان ” حصاد وديع شامخ الإبداعي” سلط فيه الضوء على أهم محطات الشاعر الابداعية في رحلته المديدة منذ مدينته البصرة في جنوب العراق ومرورا ببغداد وعمان حيث استقر فيها سنوات وقد استعرض الفلم لقطات من نشاطات وديع شامخ في الشعر والميديا والتأليف في حقل التاريخ وغيرها ، ورصد الفلم إنتقاله للعيش في غرب استراليا وفي ولاية ” بيرث” حيث كانت له نشاطات وأماسٍ شعرية بصحبة شعراء استراليين وعراقيين وعرب .. ومن ثم ّ عرض الفلم الى رحلة الشاعر الاخيرة في سيدني وما اصدره من مجاميع شعرية والاحتفال في رواية ” العودة الى البيت ” من قبل إتحاد البصرة .. .. وكان الفلم متميزا بأخراجة وموفقا في اختيار النصوص والموسيقى .
مسك ختام الحفل كان دعوة الشاعر لتوقيع روايته ” العودة الى البيت “..، وهكذا بدء الحضور بالتوافد على المنصة لتوقيع نسخهم .. لقد كانت أمسية مميزة حقا وذلك نتيجة تضافر جهود أعضاء الصالون الثقافي في الاعداد المناسب والمشاركة بروح الفريق الواحد . كما كان لدعم منتدى الجامعيين العراقي ممثلا بالهيئة الادارية وشخص الدكتور أحمد الربيعي بتقديم كل الدعم لنجاح هذا الحدث بدأ من تأجير القاعة في مكان فاخر وليس انتهاء بتوفير كل مستلزمات الضيافة للحضور .
الامسية شهدت جهود ا مميزة لحضور الفنان سمير قاسم ” مدير مكتب قناة العراقية الفضائي” وتغطيته التلفزيونية الرائعة .. كما كان لحضور الفنان المصور الفوتوغرافي “فراس دبابنّة” والذي غطى الأحداث بكاميراته موثقا وبشكل مبهر فعاليات الامسية بصورِ مميزة .
كما شهدت الأمسية تأبين الشاعرة ” نشعه الجبوري ” التي فارقتنا مؤخرا ، ودعوة لمساندة ودعم إذاعة ” اس بي اس” النبر الرصين للتعددية الثقافية والنافذة التي تطلّ منها مكونات المجتمع الاسترالي عبر 65 لغة .
أخيرا لابد من تقديم الشكر الوافر الى اعضاء الصالون الثقافي الذين كانوا ركيزة اساسية في نجاح الامسية ” الدكتور احمد الربيعي رئيس المنتدى ، المنسق فهيم السليم ، المهندي فراس ناجي ، الفنانة ليلي ، الفنان حيدر عباس ، الفنان عماد رحيم ، المخرجة زهراء السماوي ، الفنانة اغنار ، السيدة سميرة علي والسيد حسن الناصري “