من الأعمال الأدبية الجديدة نسبيا تأتي رواية ( عائلة وايت ) لماغي جي كعلامة في المشهد الروائي المعاصر، علامة مطيعة و لكن مختلفة ، أو بالأحرى : لحن آخر من سرد الأسرة.
و كما ورد في تقديم الناشر للرواية : إنها تلصص فني على أقدار عائلة بريطانية عادية ، تمر في أزمة مع الحب و البغضاء و الجنس و الموت ، و إن ما يفرق أفراد العائلة هو ما يلم شملهم في نفس الوقت. فالأب ألفريد ، الذي يعمل حارسا في حديقة عامة ، يحكم بيته بتقاليد شرسة و عاطفة مكبوتة. أما زوجته ماي ، فهي تبادله المحبة و لكنها تتآمر ضده. و أولادهما الثلاثة لا يتعايشون تحت سقف واحد ، هناك الابن البكر دارن المهاجر إلى الولايات المتحدة ، والابنة الصغيرة شيرلي التي تقترن برجل أسود و تنتقل إلى بيته ، و في النهاية آخر العنقود ، ديريك ، الذي يمقت العرق الأسود و يضمر له البغضاء و النفور. و يضيف الناشر : إن هذا المشهد منذ البداية مشحون بالديناميت ، و مكتوب عليه أن يمر بأزمة مع العنف و القتل و الصراعات العرقية.
ولكن من وجهة نظري : مع أن الرواية شديدة الصلة بالهموم اليومية لعائلة تعيش في بداية الألفية الثالثة، يبدو لنا إحساسها بالتاريخ ضعيفا أو فانتازيا ، و ذلك على حساب ترتيب أوراق اجتماعية أخرى.
لا شك أن هذه الرواية ضاعت بين عدة اختيارات ، و عدة أساليب ، تماما مثل ضياع أفرادها خلف أقدارهم الشخصية. لقد كان لدى السيدة ماغي جي إحساس ضروري بتقاليد سرد العائلة ، و من ذلك تفسير العلاقة بين الكلمات و الأشياء . إن عاطفتها لم تركز على ” نثر العالم ” أو إعادة اكتشاف موقع الوعي من المعرفة و إعادة تأهيل القانون بالنسبة للنظام ، و لكنها حاولت أن تقرأ الأشخاص من أجل تحديد المسافة التي تفصل الإنسان عن مكان يعيش فيه ، سواء كان ذلك مؤسسة يعمل بها أو بيتا يأوي إليه.
و كان لديها إحساس فانتازي أيضا بطبيعة البدايات ( في صيغة الجمع ) و طبيعة النهاية ( بصيغة المفرد).
و هذا حمل ألفريد – رب العائلة ( كما يقول الناشر ) إلى التساؤل التالي : هل المهم في الأمر تحقيق العدالة أم الأسرة الواحدة .؟.
و على ما أعتقد إن السيدة ماغي ( كروائية ) تنكبت مشاق الإجابة بطريقتها الخاصة .
– من الناحية الفنية : لم تلتزم بمبدأ العدالة ، و لكنها وقفت في صف ( العقد الاجماعي ) و رومنسياته. لقد كانت من طرف العاطفة و ليس الواجب.
– و من الناحية الفكرية ، كانت تعبر بصوت مبحوح و حزين ، بلغة اشتقاقية و متكسرة ، عن التجربة الوجدانية لأفراد لم يتفاهموا مع خلفياتهم أو مصادرهم . لقد كانوا في حالة استهلاك للذات و اغتراب عن الآخر ، و ربما لهذا السبب هم بؤساء ( من ناحية ) و غير تراجيديين ( من ناحية أخرى ) ، بيدهم صولجان الحزن العالمي ، و لكن ليس التكنو – تطهير ، الذي يبادل المفردات بمفاهيمها في النظام ، و سلسلة الوقائع بصورها في السياق و في الأسلوب.
و من إشارات سريعة للقهر السياسي و الاجتماعي حاولت أن تربط التطرف ( أو العنصرية ) بمفهوم المنفى و الحياة في الشتات. لقد كانت تعمم فانتازيا الأفراد و في نفس الوقت تهتم بخصوصيات النظام ، و تفتش عن المعنى التاريخي لما هو ثابت و تصوري .
منذ البداية ، كانت لدى ( ماغي جي ) الجرأة لتجريد الأب الفرويدي من سلطته ، و تحويله إلى مجرد ظل في المرآة، و بانهياره تتسنى الفرصة لأعضاء العائلة ، أو صوره الأخرى المتعددة ، أنا ذات النفس المكبوتة و المكبلة بقيود الموضوع ، من التعبير عن نفسها بحرية. و ذلك أدى ، في نهاية المطاف ، إلى رفع الستار عن ( ساغا ) عائلية في لحظة تبدل. لقد تحولت الذكريات ( تيار اللاشعور بلغة الأب ) إلى حوار مؤبد، هو أشبه ما يكون بما نفكر فيه و بصوت مرتفع.. مونولوجات درامية و على طريقة شكسبير ، و هي تراجيدية و عنيفة ، و ضد الحدود حيث يتطابق الشكل مع المعنى. و ربما لهذا السبب كان لا بد من تبديد العائلة، و تبديد فلسفة الزمان و سلطتها الروحية ، ثم الإعلان عن تراجيديا ميتة لقرن آخر.
عائلة وايت ( في النهاية ) كما قالت عنها فاي ويلدون : رواية تحريضية ، تحرص على لفت النظر ، و تسكن فيها تصورات و هواجس بلا نهاية.
** صدرت الرواية عن دار الساقي بلندن في 416 صفحة ، و بغلاف للفنان الضوئي روبيرت تايلور.
من مؤلفات جي الأخرى : الموت بكلمات مختلفة ، كتاب يحترق ، أطفال مفقودون ، شعب الجليد ، و سواها…
و كما ورد في تقديم الناشر للرواية : إنها تلصص فني على أقدار عائلة بريطانية عادية ، تمر في أزمة مع الحب و البغضاء و الجنس و الموت ، و إن ما يفرق أفراد العائلة هو ما يلم شملهم في نفس الوقت. فالأب ألفريد ، الذي يعمل حارسا في حديقة عامة ، يحكم بيته بتقاليد شرسة و عاطفة مكبوتة. أما زوجته ماي ، فهي تبادله المحبة و لكنها تتآمر ضده. و أولادهما الثلاثة لا يتعايشون تحت سقف واحد ، هناك الابن البكر دارن المهاجر إلى الولايات المتحدة ، والابنة الصغيرة شيرلي التي تقترن برجل أسود و تنتقل إلى بيته ، و في النهاية آخر العنقود ، ديريك ، الذي يمقت العرق الأسود و يضمر له البغضاء و النفور. و يضيف الناشر : إن هذا المشهد منذ البداية مشحون بالديناميت ، و مكتوب عليه أن يمر بأزمة مع العنف و القتل و الصراعات العرقية.
ولكن من وجهة نظري : مع أن الرواية شديدة الصلة بالهموم اليومية لعائلة تعيش في بداية الألفية الثالثة، يبدو لنا إحساسها بالتاريخ ضعيفا أو فانتازيا ، و ذلك على حساب ترتيب أوراق اجتماعية أخرى.
لا شك أن هذه الرواية ضاعت بين عدة اختيارات ، و عدة أساليب ، تماما مثل ضياع أفرادها خلف أقدارهم الشخصية. لقد كان لدى السيدة ماغي جي إحساس ضروري بتقاليد سرد العائلة ، و من ذلك تفسير العلاقة بين الكلمات و الأشياء . إن عاطفتها لم تركز على ” نثر العالم ” أو إعادة اكتشاف موقع الوعي من المعرفة و إعادة تأهيل القانون بالنسبة للنظام ، و لكنها حاولت أن تقرأ الأشخاص من أجل تحديد المسافة التي تفصل الإنسان عن مكان يعيش فيه ، سواء كان ذلك مؤسسة يعمل بها أو بيتا يأوي إليه.
و كان لديها إحساس فانتازي أيضا بطبيعة البدايات ( في صيغة الجمع ) و طبيعة النهاية ( بصيغة المفرد).
و هذا حمل ألفريد – رب العائلة ( كما يقول الناشر ) إلى التساؤل التالي : هل المهم في الأمر تحقيق العدالة أم الأسرة الواحدة .؟.
و على ما أعتقد إن السيدة ماغي ( كروائية ) تنكبت مشاق الإجابة بطريقتها الخاصة .
– من الناحية الفنية : لم تلتزم بمبدأ العدالة ، و لكنها وقفت في صف ( العقد الاجماعي ) و رومنسياته. لقد كانت من طرف العاطفة و ليس الواجب.
– و من الناحية الفكرية ، كانت تعبر بصوت مبحوح و حزين ، بلغة اشتقاقية و متكسرة ، عن التجربة الوجدانية لأفراد لم يتفاهموا مع خلفياتهم أو مصادرهم . لقد كانوا في حالة استهلاك للذات و اغتراب عن الآخر ، و ربما لهذا السبب هم بؤساء ( من ناحية ) و غير تراجيديين ( من ناحية أخرى ) ، بيدهم صولجان الحزن العالمي ، و لكن ليس التكنو – تطهير ، الذي يبادل المفردات بمفاهيمها في النظام ، و سلسلة الوقائع بصورها في السياق و في الأسلوب.
و من إشارات سريعة للقهر السياسي و الاجتماعي حاولت أن تربط التطرف ( أو العنصرية ) بمفهوم المنفى و الحياة في الشتات. لقد كانت تعمم فانتازيا الأفراد و في نفس الوقت تهتم بخصوصيات النظام ، و تفتش عن المعنى التاريخي لما هو ثابت و تصوري .
منذ البداية ، كانت لدى ( ماغي جي ) الجرأة لتجريد الأب الفرويدي من سلطته ، و تحويله إلى مجرد ظل في المرآة، و بانهياره تتسنى الفرصة لأعضاء العائلة ، أو صوره الأخرى المتعددة ، أنا ذات النفس المكبوتة و المكبلة بقيود الموضوع ، من التعبير عن نفسها بحرية. و ذلك أدى ، في نهاية المطاف ، إلى رفع الستار عن ( ساغا ) عائلية في لحظة تبدل. لقد تحولت الذكريات ( تيار اللاشعور بلغة الأب ) إلى حوار مؤبد، هو أشبه ما يكون بما نفكر فيه و بصوت مرتفع.. مونولوجات درامية و على طريقة شكسبير ، و هي تراجيدية و عنيفة ، و ضد الحدود حيث يتطابق الشكل مع المعنى. و ربما لهذا السبب كان لا بد من تبديد العائلة، و تبديد فلسفة الزمان و سلطتها الروحية ، ثم الإعلان عن تراجيديا ميتة لقرن آخر.
عائلة وايت ( في النهاية ) كما قالت عنها فاي ويلدون : رواية تحريضية ، تحرص على لفت النظر ، و تسكن فيها تصورات و هواجس بلا نهاية.
** صدرت الرواية عن دار الساقي بلندن في 416 صفحة ، و بغلاف للفنان الضوئي روبيرت تايلور.
من مؤلفات جي الأخرى : الموت بكلمات مختلفة ، كتاب يحترق ، أطفال مفقودون ، شعب الجليد ، و سواها…