مرة أخرى يقوم منتدى موزاييك النرويجي المغربي باحتفال كبير كالعادة رغم أن اليوم كان يوم أحد والذي يعتبر يوم راحة في النرويج وحيث تكون أغلب المحلات التجارية مقفولة والشوارع شبه خالية، كما الطقس البارد الذي يغري بالمكوث في البيت قرب مدفأة، إلا أن الحفل الذي أقامته منتدى موزاييك في ثانوية كوبّن كان يعج بالحاضرين من النرويجيين والمغاربة وجنسيات أخرى من القارة الافريقية وامريكا اللاتينية والشرق الاوسط. هذا الحضور الجميل يثبت شعار موزاييك الذي يقول “الفن والموسيقى توحدان الشعوب بمختلف أطيافها وثقافاتها”.
بداية الحفل تم تكريم مغاربة فاعلين نشطاء في الوطن الثاني النرويج الذي نعتز به كوطن ثان ونفتخر به كافتخارنا بمغربنا. هنا في هذا الوطن استطعنا نحن الجالية المغربية كما الجاليات الأخرى إثبات الذات والحضور لأننا بديموقراطية البلد ودستوره الذي يمنح الحرية ويدافع عنها ويمنح حرية التعبير والاديان والتدين والمساوات واحترام الانسان. نتيجة هذه الارضية أتيحت للكثيرين من الاجانب أن يبرزوا على جميع أصعدة هذا الوطن. ولقد برز أيضا شخصيات من الوطن المغرب ليحتفل بهم منتدى موزاييك ويكرمهم لما قاموا به من نشاطات سواء على المستوى الانساني أو الاجتماعي أو السياسي.
وقد استهل الحفل كلمة الاستاذ عبد العالي بو عبد الله رئيس جمعية موزاييك والذي أشاد بالتركيز على التربية والتعليم التي هي أساس جيل قادم متنور. ثم شاركت سفيرة المغرب سعاد العلوي بكلمتها وتشجيعها عن الاستمرارية في هذه الأنشطة المغربية النرويجية والتي تقرب بين ثقافتي البلدين النرويج والمغرب. وهذا ما كانت عليه ولا تزال جمعية موزاييك مدى سنوات من الانشطة الفنية والثقافية. وفي المهرجانات السينمائية في اسلو تجد جمعية موزاييك في طليعة المشاركة والحضور، لتقوية موقع الجالية المغربية وتحسين صورتها في المجتمع النرويجي. فالشعب المغربي بطبيعته منفتحا على الثقافات الأخرى وهنا نسبة من الجالية المغربية قدمت من وطن تآلفت فيه الأديان الاسلامية والمسيحية واليهودية والعرقين الأمازيغي والعربي. فلم يكن صعبا عن هذه الجالية المغربية بالنرويج في الاندماج مع الحفاظ على ثقافته وتراثه.
بدأ الحفل بتكريم مجموعة من المغاربة النشطين في المجتمع النرويجي والذين أثبتوا حضورا وقدوة وكانوا سفراء المغرب في وطنهم الثاني النرويج ، ذلك جعلنا نفتخر بهم متمنيين لهم المزيد من هذا الحضور. الاستاذ ميلود كودير صاحب مؤسسة كوسمو بوليت في النرويج والداعم الأساسي للجالية المغربية في كل أنشطتها والاستاذ ياسين عراقيا عضو مجلس مدينة اسلو، والفنان المبدع الرسام ادريس أغو وأخيرا وليس آخرا نور الدين البوكيلي المناضل الانساني المتخفي وراء الكواليس لايحب الظهور ولا التحدث على أعماله الانسانية البطولية بحق، والذي قامت مؤسسة الرحمة التي يترأسها بإنجازات انسانية في أفغانستان والصومال وباكستان وازر بدجان وسوريا وغزة وفي هذا العام بسبتمبر اسس مؤسسة لرعاية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة الداخلة بحضور والي مدينة الداخلة واعيانها وضيوف من فرنسا والنرويج ومن الرباط والدار البيضاء. كما كرمت جمعية موزاييك النرويجي تور غريندا الذي كان مرافقا ومتابعا للجمعية منذ نشئها وكرّم مدير الثانوية التي اقيم فيها الحفل لتشجيعه للأنشطة الثقافية.
مغاربة ومغربيات حاضرين الحفل، منهم الاكاديميين الذين يعملون على شهادة الدكتوراه واساتذة في الثانويات، والمتميزة الاستاذة نور الهدة طاي طاي صاحبة برنامج الشاي المغربي الذي اشتهر في النرويج، والذي استطاعت به نور الهدى ان تكسر حاجز الخوف من الاندماج بين المتحفظين من كلا الشعبين الاجنبي والنرويجي. استطاعت بالفعل ان تنجح برنامجها كما نجحت في استقطاب العديد من معجبي البرنامج من الشعب النرويجي، ويكفي ان أمير النرويج “هوكون” حضر إلى دار الادب ليكرم نجاح هذه المغربية الشابة.
هناك حضورا خاصا ومتميزا ، أثار دهشتي حين وجدته معنا في الحفل وهو العالم المغربي حوماد عاشور، الذي درس في النرويج شعبة الفيزياء الفلكية التي تتعامل مع فيزياء الكون. حضوره أثرى الحفل. شخصية متميزة بحق، ينطبق عليه المثل الذي يقول” كلما ازداد الانسان علما ازداد تواضعا” وهو يحتاج من الجمعيات المغربية بأسرها حفلا خاصا به وتكريما يليق بمقامه.
كان الحفل مزينا بالحضور المتنوع الجنسيات، والتي شاركت بفولكلورها، الصومال ونيجيريا وافغانستان والفرقة الموسيقية العربية المؤلفة من فنانين من الجزائر والمغرب ولبنان والعراق وكردستان، زادها ابداعا فنانين افارقة امتزجت ايقاعاتهم الموسيقية بالعربية جعلت الحاضرين في عالم من الرقص والبهجة. الجميع كان حاضرا بروح مرحة من طقم السفارة المغربية، التي جعلتنا نحس أنهم معنا يشاركوننا أفراحنا نشاطاتنا ونجاحاتنا.
—