حمزة شباب :
هُنَاكَ يَا حَاتِمُ ، تَنَامُ شَمْعَةٌ كُلَّ لَيْلَةٍ
و الصِّغَارُ عَلَى أرِيكَتِهِمْ يَحْلُمُونَ بِالفَجْرِ !
بِالأمَانِي عَلَى بَرِيقِ السَّهَرِ تَرْتَعِدُ خَجَلاً
تَلُوحُ فِي الأُفُقِ ، تَبْنِي دَوْلَةً
دِينُهَا الجُوعُ ، و لُغَتُهَا الرَّسْمِيةُ الهَمْسُ
تَحْمَرُّ وَجْنَتَيْهَا كَالحَيَاءِ مِنْ حَرَارَةِ الطَّقْسِ
تَلُوذُ بِشَرَارَتَيْنِ و فَلاحٍ يَعْتَمِرْ . . .
فِي عَيْنيْه تَلّةٌ تُغَنِّي لِلْجَبَلِ القَصِيرِ
يَرْفعُ عَلَمَ حُلْمِهِ العَرَبيِّ مِنَ طُفُولَتِهِ أكْبَرُ
حَاتِمٌ شُرْفةٌ مُفَتَّحةَ الأبْوَابِ صَيْفاً
حَاتِمٌ مُقْلةٌ مُغْلَقةُ الأجْفَانِ خَوْفاً
يَحْلُمُ بِجُمْهُوريِّةٍ عَلَى حُدُودِ حَيْفَا
فَهَلْ يَضِيقُ القَلْبُ و يَتَّسِعُ العُمرْ . . .
مَنْبَعُ أحْلامِهِ أسَاطِيرُ الأوَّلِينَ
و شَمْعَتُهُ حَدِيثٌ فِي الغَابِرِينَ
حَاتِمٌ سَرَابُ بِاللَّيْلِ يُوزِّعُ الابْتِسَامَاتِ
يَعْوِي كَالذِّئابِ عَلَى قَطِيعِ الانْتِصَارَاتِ
ذَلكَ النَّصْرُ الَّذِي يُجَدِّدُ الهَمَّ فِينَا
فِي كُلِّ مَسَامَاتِ جِلْدِكِ يَا قَوْمِيَّتِي
يَصِيحُ ” عَرَبِيٌ ” و لا فَخرْ . . .
تَنُوحُ الدَّايَة تَحْتَ أقْدَامِ الأمَّهَاتِ
ذَاكَ الوَلِيدُ بَاتَ وَلِيمَةً فِي قِدْرِ
أيْنَ حَاتِمٌ صَاحِبُ الكَرَمِ الأصِيلِ
وُئِدَتْ شَمْعَتُهُ فِي ثَرَى الوَطَنِ
فَلَمْ نَعُدْ نَرَى خُسُوفَكَ يَا قَمَرُ
و شَمْسٌ كَانَ حَقَّهَا الإطْلالُ ضَاعَتْ
و حُلُمٌ وَاجِبُهُ عَلَى الأنَامِ أنْ يَنْدَثِرَ
صَاحَ العَدَمُ مِنْ شِدَّةِ الأَثَرْ . . .
عَلَّقَ حَاتِمٌ ألْفَ تَمِيمَةٍ بِنَاصِيَتِهِ اليُمْنَى
فَبَرِقَ البَصَرُ دُونَ أدْنَاكِ يَا جَدْوَى
أنَا مِنْ بِلادٍ بَاتَتْ مِنْ فُجَّارِهَا حُبْلَى . . .
—-
* شاعر و أديب فلسطيني .
—