عائشة سجيد :
ما أشد بؤس الحياة عندما نقتصر على الأكل و الشرب و النوم دون اختلال بسيط…
تقف على الشرفة كل ليلة كأنها على ميعاد وقلبها ينبض بإحساس كأنه انتظار… هي أيضا لا تدري لما يتكرر الأمر! .. ربما لتستجمع أصواتا متناثرة من شرفة ذاك ونافذة تلك وسطح فلان وحديقة علان… فهناك لا تزال الحياة.. والنوم ليس كتابا موقوتا..
لم تكن تعرف ماذا تنتظر.. المهم أن إحساس الانتظار يلفها من كل جوانبها.. غير أنها لم تفهم شيئا ففارسها لم تعد تنتظره لأنه خلفها بمترين أو ثلاث يغط في نوم عميق، أتنتظر أن يلحقه ما قدم من دونه؟.. هي تؤمن أن ما يجعل من الرجل فارسا بعض أنفاس السمر.. وعبير المرح.. وتعانق الروح والعالم المثالي..
موسيقى عذبة تصل إلى آذانها من بعيد، توقظ بداخلها ظلاما حالكا فتنزعج طفلة بداخلها على أرجوحة الحلم.. تحاول اللحاق بها لكنها اختفت في الظلام وبقي نحيبها يخيم على المكان. النور الخافت المنبعث من نافذة الجيران كالمسك يوحي لها بليلة بطعم “الشمع الأحمر” وعطر ورد يتوسط مائدة مربعة الشكل وكلمات تعزف تونات الأشواق بأنامل الهوى..
ماذا تنتظرين؟
أنا لا أنتظر..
بل كذلك
لا .. أنا أدرى بنفسي..
بل أنا أولست أنبض بين أضلعك
دعني و شأني…
ومن يبدد وحشتك غيري؟
على الأقل تحمل معك جراحك التي مزقتني ألما..
لكن.. ألا ترين أن داء العدوى أصاب الروح والحداق.
إلتفتت من جديد لورائها.. أدركت فعلا أنها تنتظر أحدا أو شيئا.. و إن لم يعدها أحد بالوصال.. لا تستطيع حتى التخمين فالحلم بصلبها أجوف يطن من الفراغ..
نظرت إلى القمر فقالت له.. “أنا لا أحب المداعبة.. لا أحب تبادل كلمات عذبة قبل النوم.. أنا لا أحب السهر عل إيقاع الحب.. ولا أعشق الرقص على رعشات أنوثتي.. أنا لا أحب البحر ولا يستهويني اخضرار الحقول.. بكل بساطة لأني..
ماذا تنتظرين..
أحست أنها فعلا لا تنتظر شيئا رغم الانتظار لأن كل شيء أجوف .. ألقت مذكراتها بعيدا .. و ألقت القلم من الشرفة: أنا لا أريد البوح .. لا أريد الكتابة.. مللت محاورة من لا يجيبني.. مللت كل شيء .. أريد فقط أن أبكي .. بكاءا فقط بطعم الجفاء..
إلتحفت وحدتها وسقت مخدتها خمر الحداق لتستسلم معربدة في دهاليز العالم الآخر ..
—