سندس السعدي :
“أحبك” كان اول كلامه
باغتني صوته ذو الترانيم الحزينة، بماذا أجيب؟ أأخبره بأنني أحبه أيضا؟ أم أتمنع وأزج به في دروب التشويق والإثارة؟ هل لي بمنقذ من هذه المكالمة الليلية؟
لطالما كنت ضعيفة امام نبرة صوته التي نجحت دوما في حملي الى عوالم اخرى، عوالم بعيدة ووردية. كان لصوته تأثير يضاهي تأثير مقطوعات بتهوفن الموسيقية، تلك النبرة الدافئة التي جعلت مني أسيرة لخطاباته الثورية، لخطاباته الهزلية وحتى السياسية منها…
كان تعارفنا فاترا نوعا ما، فلم أكن من النوع الذي يبادر بالسؤال أو المجاملة، كنت دائمة الهروب من اي شخص جديد يدخل عالمي، لم أكن اطيق سماع صوته، أو سماع كلماته التي يختمها بآه تثير قلقي… “لماذا أثارت قلقي؟” لا أملك فعلا إجابة لهذا السؤال.
“لماذا تصمتين ألم يعجبك كلامي؟”
ألم يعجبني كلامك؟ هههه… ألم تلحظ إهتمامي بك؟ ألم تلحظ مدى شوقي لمكالماتك؟ ألم تلحظ ألمي عند سماعي آهاتك؟ ايمكن أن تكون أبلها يا رجل؟ لم يعجبني كلامك لأنني احببته، احببته كامرأة حبلى تنتظر مولودها، احببته كحبل نجاة مد لي قبل ان أغرق.
“أسيتواصل صمتك؟”
ما عسايا أقول لهذا الثائر؟ لساني لم يسعفني هذه المرة، ويبدو أنني أضعت جميع حروف الأبجدية، وحتى قاموس العربية الذي كنت اتباهى به خانني كما صوتي… يجب أن اخبره بسرعة بمدى عشقي له، أن أضع بين يديه قلبي المتيم به، هيا تكلمي يا فتاة، ارجوك تكلمي ولا تفوتي هذه الفرصة، ألم تحلمي بأن تسكني أحضانه؟ ألم تحلمي بقبلة يسرقها من شفتيك تتصنعين بعدها الغضب؟
“عزيزتي ما بك؟ الو، هل تسمعينني؟”
طبعا أسمعك، وهل يجوز في حضورك ان أستمع لغيرك؟ هل من العدل أن يكون أن تمنح هذا الصوت وهذه النبرة؟ ألا تعلم بأنك سيمفونية مفقودة؟ ألا تعلم يا معذبي بأنك آلة موسيقية أوتارها صنعت من دقات قلبي؟ فكيف لي أن لا أسمعك؟
“كنت أعتقد بأنك ستفرحين لسماع كلمة أحبك؟”
“أحمد أنا … لس.. انا لست.. أنا فعلا..”
هنا قاطعني أحمد بعد أن استجمعت البعض من الجرأة لأخبره بمشاعري ” انت فعلا اسفة؟ اهذا ما أردت قوله..”
“انتظر ارجوك، انا لم أكمل كلامي بعد…”
“لا داعي لإكمال كلامك سارة، فلنجعل الأمر سهلا لكلينا، انسي ما قلته فان لم تكوني حبيبتي فلا أريد أن اخسرك كصديقة، الى اللقاء”
“الو… الو…لكنني اريدك صديقا وحبيبا، الو…”
هل انتهت المكالمة؟ أهذا كل شيء؟ هل ستنتهي قصة حبي بهذه الطريقة؟ هل سأحرم من سيمفونيتي المفقودة؟
—