النادي الثقافيّ- طرعان وفي إطارِ فعاليّاتهِ الثقافيّة والاجتماعيّةِ والتربويّةِ المُستمرّة، أقام ندوة ثقافيّة اجتماعيّة، بأجواء احتفاليّةٍ ترحيبيّةٍ حميمةٍ مُفعمةٍ بالمودّة والمحبّة، بتاريخ 10-3-2015، وسط حضور عشراتٍ من أعضاء النادي وأصدقائه من الرجال والنساء، من القرية وخارجها، وذلك في قاعة المكتبة العامة في قرية طرعان، لمناسبة الاحتفاء بيوم المرأة العالمي في الثامن من آذار، وعيد الأم العالميّ في الـ 21 من آذار من كل عام، شهر آذار شهر المرأة والأم والأرض والربيع، فصل الطبيعة والجمال والنماء والانتماء والعطاء.
أدار الندوة د. محمد خليل عن النادي الثقافيّ- طرعان، وشارك في الندوة كلٌّ من: المربّي الفاضل راجح عياشي/طمرة، آمال عوّاد رضوان/عبلين، والطالبة الجامعيّة رقية عدوي/طرعان، كما أضفى حضورُ وصوتُ الشيخ الحاج عبد المعطي نصار إمام قرية طرعان جمالًا على الاحتفالية، بتلاوةٍ مُرتَّلةٍ عطرةٍ من سورة مريم، في نهاية اللقاء أكّدت مداخلات الحضور- (عدلة شداد/قانا الجليل، وآمال صباح، وفاطمة سلايمة، ونجلاء زرعيني، وعبلة سلامة، والمربي أسامة عدوي، وعلي رجب)- على أهمّيّة احترام ومساندة المرأة، وتكريم الأمّ الوالدة والزوجة والأخت والمربية والصديقة، وهو أمر واجب تطبيقه فعلًا لا قولًا وعلى مدار أيّام السنة، وأخيرًا، قدّم النادي الثقافيّ الورود والتضييفات على جميع الحضور، ومن ثمّ تمّ التقاط الصّور.
جاء في كلمة رقيّة سعيد عدوي: تموت البيوت إذا غابت نساؤها
قبل فترةٍ قصيرةٍ قالت لنا أمّي إنّها ستتركنا في البيت لوحدِنا، لترى عن بُعد، كيف يمكنُ أن نتصرّفَ ونتدبّرَ أمورَنا في غيابِها، فأجبتُها على الفور: ألا تعلمين يا أمّي أنّ البيوتَ تموتُ إذا غابت نساؤها؟!
هل لنا أنْ نأْخذَ نفسًا عميقًا يحملنا إلى عالمٍ يخلو من الأنثى، فلا نجدُ به الأُمَّ، الزوجةَ، الابنةَ، الأختَ، المهندسة، الطبيبة، ربّة المنزل، المحامية، الكاتبة، الشاعرة والأديبة… تعدّدت المِهن وتنوّعت الأدوارُ، وأُقسمُ أنّ المرأة أتقنت جميعَ الأدوار، وبحرفيةٍ عزّ تقليدُها واختفى نظيرُها، وإن كان أعظم الأدوار هو دورُ الأم، لتكره بعضُ النساءِ يومَ الأم وهي تعدّ الخريف الخامسَ والعشرين دون ابن أو ابنة..
الثامن من آذار ويوم الأم بين مؤيّد ومعارض، بين مناصر ومناهض، لتبقى المرأة هي المركز وكلّ القضيّة، كلّ المجتمع لا نصفه، ولتسقط كلّ الأقلام التي تكتب النثر والشعر عن المرأة، إنْ لم يُصغِ كاتبُها في حياته لامرأة تتحدّث، ولم يسأل في يوم عمّا تُريده المرأة.
ومن بين الأدوار التي تخوض غمارَها المرأةُ، هي التجربة الجامعيّة في الأراضي المحتلّة، فقبل عامين وضمن مساق يتناول الصّراع الإسرائيليّ العربيّ، وفي ظلّ مساندتي لقضيّة شعبي العادلة، ومُناطحة الرواية المنحازة وتجريد الواقع من حقائق، قالت لي إحداهنّ، والتي لا أعرف بالضبط على متن أيّ طائرة وصلت البلاد؛ أنّه لو لم تكن هذه الدولة يهوديّة، لما سُمح لي والدي بالخروج من البيت، ولو لم تقم هذه الدولة، لكنتُ في الصحراء، أو أُحضّر البقلاوة في البيت، أو أعمل في زراعة أشجار الزيتون!
هنا وجدت نفسي أحمل همَّ المرأة، ليس أمام مجتمعي فحسب، ولا ضمن محيطي المقرّب فقط، إنّما تعدّى ذلك ليرسم معالمَ المرأة التي حولها تدور الدوائر، ولقضيّتها التي لها تُدبّر المكائد. التجربة الجامعيّة كانت كفيلة بأنْ تجمع النماذج المختلفة، والمتنوّعة التي تدور في فلك المرأة وقضاياها، وعلى ذلك كُتِبَت وتُكتب الدراسات، ولكن التجربة وأرض الواقع أصدق قيلًا، عندما تجمع المرأة بين الزواج ومتابعة الدراسة الأكاديميّة، وأنْ تطوف بين القاعات والأروقة تحمل جنينًا في أحشائها، أو أن تتنقّل بين الغرف شاردة الذهن بطفلها الرضيع، أو أنْ تجمع بين الدراسة والعمل والانخراط في المشاريع الجامعيّة المختلفة، كالقيادة الجماهيريّة ومشاريع تُعنى بتمثيل المجتمع العربيّ على مستوى أكاديميّ عالميّ.
أنْ تكتُب عن المرأة، وأنْ تُلقي المحاضرات أو الندوات عنها، وأن تنخرط في أُطر التنظير والنظريات، ليس كمن يعيش المرأة بأحلامها وآمالها، ويرتدي لباس المرأة، ويشعر بما تشعر به المرأة، وأنْ يكون مطبخها نظيفًا يلمع بعد وليمة العشاء، وخزانتها مرتّبة وصورها وهمومها، وقد تخلّصت من بعض ملابسها القديمة، بعد أنْ اكتسبت بضع كيلوغرامات زائدة هنا وهناك…
أذكر جيّدًا صوت تلك المرأة الفلسطينيّة السوريّة التي التقيت بها في ألمانيا، والتي كانت تعمل في مركز المرأة الفلسطينيّة في دمشق: “يجب أنْ نُعيد المرأة وقضيّتها إلى المركز، والباقي تفاصيل، فالأرض أُنثى، والوطن أم، والأم أُنثى، وصفد التي لم أرها أُنثى كذلك، وعلى المرأة أن لا تخاف”.
فمازحتها قائلة: “لذلك تخافين البحر وترفضين الماء”؟ فابتسم زوجها وابنها وقالت: “البحر كان الشرّ الذي لا بُدّ منه، في وقت كانت فيه الحرب هي النهاية، والمرأة تُحارب ليبقى غيرها وتنسى نفسها، وهنا الخطأ الذي ترتكبه برغبة منها”.
لو لم يعترف هذا العالم المزيّف بيوم لتكريم المرأة لطالبنا به، لنُذكّر العالم بنساء يصنعن التاريخ، ويكتبن الحياة من جديد؛ هي المرأة الفلسطينيّة أوّلًا، فالعراقيّة، فالسوريّة، وسائر نساء العالم.
جاء في كلمة د. محمد خليل مؤسس المنتدى الثقافي في طرعان:
في شهر آذار شهر المرأة وعيد الأم ويوم الأرض وبدء فصل الربيع، نقول للجميع: كلّ عام وأنتنّ وأنتم بألف خير وتمام الصحّة وغاية السعادة. تكريم الوالدين وإكرامهما واجبٌ على مدار السنة. لكن كلّ المجتمع مَدينٌ للأم وللمرأة، لما تتحمّله من جهد وتعب وأعباء الحياة، وقد لا نُجانب الصّواب إذا قلنا: بغياب المرأة تغيب الحياة لا بل تنتهي، وقد قيل: إنّ الجنة تحت أقدام الأمّهات.
المرأة هي: الأمّ والزوجة والأخت والزميلة والصديقة، هي الأرض والوطن. كانت وما زالت منذ الأزل مصدرًا لإلهام الشعراء .
ورد في الأثر: أكرموا النساء، واستوصوا بهن خيرًا ، فما أكرمهنّ إلّا كريمٌ، وما أهانَهنّ إلّا لئيمٌ!
وحُكِيَ أنَّ عمرو بن العاص دخل على معاوية وعنده ابنته عائشة، فقال: مَن هذه يا معاوية؟ فقال: هذه تفاحة القلب، وريحانة العين، وشمامة الأنف. ويكفي النساءَ فخرًا، أنّ الله تعالى أكرمهُنّ وكرّمهُنّ بسورة أسماها: سورة النساء.
ويقول شاعر النيل حافظ إبراهيم: الأم مدرسة إذا أعددتها/ أعددت شعبًا طيِّب الأعراق
وقد كان قاسم أمين أوّل من دعا إلى تحرير المرأة في العالم العربيّ عام (1889)، من خلال كتابه تحرير المرأة، وأهمّيّة الأخذ بيدها، واحترامها على قدم المساواة مع الرّجل، لأنّ تقدُّم المجتمع وازدهارَهُ ورُقيَّهُ لا يمكن أن يتحقّق إلّا بهما ومعهما والتعاون بينهما. وهذا معنى العمران البشريّ عند ابن خلدون، ومنه أخذ كلّ من كتب في المدنية الحديثة، وصولاً إلى التكامل بين جميع أفراد المجتمع، فكم بالأحرى بين الرجل والمرأة في بناء الأسرة والمجتمع.
نحن في النادي الثقافيّ طرعان كلّ عملنا خالصًا لأجل المجتمع. نريد أن نبذل كلّ جهد ممكن في سبيل وجهٍ مُشرق لقريتنا طرعان. أن ننشر المحبّة والأُخوّة والاحترام للجميع، ونكون العين السّاهرة على تماسك مجتمعنا المُصغّر في قريتنا. أن نتعاون معًا، فنشجّع وندعم بعضنا بعضا، ونأخذ بيد بعضنا البعض على أسس من القيم الإنسانيّة، كالمحبّة والاحترام والخير والعيش المشترك، وأن نتصرّف بما يليق بالإنسان المُتحضّر.
من هذا المنطلق لم يكن من قبيل المصادفة أن نتسمّى: النّادي الثقافيّ- طرعان، إنّما لكي تذوب فيه الفوارق الطبقيّة والعلميّة والنوعيّة، فكم من حمَلة الشهادات لدينا في مجتمعنا، لكن أحدًا لا يشعر بوجودهم. المقياس الحقيقيّ لوجود الإنسان هو مدى عطائه وانتمائه لمجتمعه.
مع ذلك، يبقى هنالك مجال للتساؤل: يقال إنه لم يعد هنالك الرجل المثالي ولا الأب المثالي ولا المعلم المثالي ولا الزوج المثالي، هل ينطبق الكلام ذاته على المرأة والأم والزوجة الخ..؟ من ناحية أخرى أين واجب الاهتمام التربوي بالأسرة من الأبناء والبنات، وما زال العنف الكلاميّ والجسديّ موجودًا بيننا، أين قصرت المرأة وأين قصرنا؟ تساؤل آخر يطرح نفسه: كيف يمكن للمرأة الزوجة أن تحقق ذاتها في ما ترغب به من مجالات العمل، وفي الوقت نفسه تربّي الأولاد وتهتمّ بالأسرة وشؤون المنزل طبعًا بالتعاون مع الزوج؟ وكيف لها أن توفق بين ذلك كلّه؟
جاء في كلمة المُربّي راجح عياشي:
المرأة هي الأمّ والجدّة والأخت والزوجة والابنة والحبيبة والصديقة والزميلة. يقولون إنّ المرأة هي نصف المجتمع، وأنا أقول إنّها ثلاثة أرباع المجتمع، إذ إنّها تتحمّل كثيرًا من الأعباء التي كان يحملها الرجل، إضافة إلى المسؤوليّات التي تتحمّلها وتقع على عاتقها.
كثيرٌ من الأمّهات والزوجات والنساء مثاليّات في مجتمعنا، ويُربّين أجيالًا صالحة وطيّبة ووطنيّة.
لقد قطعت المرأة شوطًا كبيرًا من التقدّم، إذ إننا اليوم نرى حوالي 54% من طلاب الجامعات والتعليم العالي من العرب هم من النساء، وكذلك بين 10-14% من حَملة شهادة الدكتوراة هم أيضًا من النساء. المرأة المثقفة والصالحة هي عماد الأسرة الفاضلة، وتربّي أبناء صالحين ومسؤولين. لكن يؤلمني جدًا ما نسمعه ونراه جميعًا من ظلم للمرأة وعدم تقديرها، واعتبارها إلى جانب ما تقوم به دول ومجتمعات عربيّة وأنظمة ظلاميّة، تلك التي تحرم المرأة من أهمّ حقوقها. فحالات الاغتصاب والسّبي وبيع الحرائر في الأسواق، وقتلهنّ بحجج واهية لا تلائم روح العصر ما زالت تسيء إلى مجتمعنا وأدياننا السماويّة الحنيفة.
مع كل هذا، نحن نحني هاماتنا أمام نسائنا وأمّهاتنا، ونباركهنّ في العيد وكلّ أيام السنة، ونتمنّى لهنّ القوّة واستمرار التقدّم والعطاء الكريم والنّجاح في الحياة.
جاء في كلمة آمال عوّاد رضوان:
المرأة هي أمُّ البشرية ومرآةُ الوجودِ والأوطان، وهي رمزُ الإنسانيّةِ والحقّ عبرَ العصورِ وبجدارةٍ، وذلكَ بما تُحقّقهُ وبمصداقيّةٍ حيّةٍ في كافةِ أدوارها المُشرقة والمُشرّفة، وإضاءة جميع المجالات البيتيّة والأسريّة والثقافيّة والتربويّة والاجتماعية والاقتصاديّة والنضاليّة الوطنيّة والقياديّة والفنيّة والإبداعيّة والرياضيّة والسياسيّة.
نعتز أيضًا بشفافيّة المؤسّسات النسويّة والخيريّة والتطوّعيّة ونعزز وجودها، إذ نحن في أمسّ الحاجة إليها، ولسنا ننسى، أنّه لا يتسنّى للمرأة أن تصلَ إلى ما وصلت إليهِ من توازنٍ، إلّا من خلال تثقيفِها صغيرةً، وتربيتِها على الصّلاح والإصلاح، ومِن خلال دعم الأب ومساندةِ الزوج، والسّير الحثيث جنبًا إلى جنب الرّجل بالتعاون والمشاركة، لأجل تخطّي العراقيل ومصاعب الحياة، ولأجل بناء أسرة صالحة تنتمي للمجتمع وتخدم الوطن، فلا يَكفينا أن نحملَ شهاداتٍ جامعيّة لبناء الإنسان والكيان، بل نحتاج أيضًا إلى تعزيز أساسات وجودنا، والتمسُّك بقديمنا وجذورنا وتراثنا ليكون لنا حاضر ومستقبل، ونحتاجُ إلى استشارة كبارنا وإن كانوا أقلّ نصيبًا منّا علمًا، فلا نكبرُ عليهم كي لا نكبرَ على الوطن، لأنّ حكمة الكبار وتجارب حيواتهم، يمكنها أن تزوّدَنا بقيم أخلاقيّة ووطنيّة إيجابيّة تُعزّز حضورَنا، وتُجذرنا في المجتمع والوطن، فللحضور رجالًا ونساءً سنينَ قادمة مُبارَكة، وأعيادًا عساها تتوالى بخيرٍ وسلام ووطن.
جاء في كلمة عدلة شدّاد خشيبون/ قانا الجليل: تحيتي في الثّامن من آذار
يشرّفني أن أكون بينكم إخوتي وأخواتي الأعزّاء، في شهر آذار، شهر العطاء والرّبيع والحياة، فليس عبثًا أن اجتمعت في آذار كلّ مناسبات العطاء، يوم المرأة في الثّامن منه، وعيد الأمّ وبداية فصل الرّبيع، ونهايته يوم الأرض العظيم، فالأرض هي أمّ العطاء، كما أنّ الأم هي روح الحياة، وفي مدارسنا وضمن قيم مفتاح القلب هو شهر العطاء، إذ تتجلّى في هذه القيمة كلّ أنواع العطاء المادّيّ والمعنويّ، والطّبيعة توزّعُ بالمجّان أزهارَها وربيعَها الفوّاح، فكلّ عامٍ والرّبيع يُبارككم، وكلّ ربيع وأنتنّ بساتينه، وتحيّتي أقدّمها خالصةً للرّجال الذين أتوْا مُرافقين زوجاتهم لهذا الاحتفال.
جاء في كلمةِ الحاجة فاطمة فاطمة سلايمة/أم محمد:
لمناسبة شهر آذار شهر المرأة والأم في عيدهما نقول لهنّ وللحضور الكريم: كلّ عام وأنتم بخير وفي تمام الصحة والعافية والسعادة الدائمة. لقد كرّم الله النساء، فأنزل سورة النساء وسورة مريم، لكنّه لم يُفضّلها على الرّجل، بل ساوى بين الاثنين، ولم يفضّل أحدهما على الآخر فقال: “إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم”، وجعل للمرأة والرجل حقوقًا وواجبات. كذلك وصّى الرسول (صلعم) بالنساء خيرًا فقال: “استوصوا بالنّساء خيرًا”. و”رفقًا بالقوارير”. وأمر بمعاملتهنّ بالحُسنى والمعروف بلطف ورقّة.
كذلك ورد في إنجيل متّى الإنجيليّ في الإصحاح 19: أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى. 5وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسدا واحدا. إذ ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان. وكذلك جاء في رسالة بولس القديس افي الإصحاح الخامس: كذلك يجب على الرجال أن يُحبّوا نساءهم كأجسادهم. من يُحبّ امرأتَهُ يُحبُّ نفسه، فإنّه لم يُبغض أحدٌ جسدَهُ قط، بل يَقوتُهُ ويُربّيه.
لنحفظ هذه الوصايا والتعاليم، والأهمّ أن نُطبّقها في حياتنا اليوميّة وعلى مدار السنة.