مروى ذياب :
فصولنا تحتاج رشة فرح ..
الشتاء حضر ليواسيني ..
صوت المطر من النافذة ،
وصرير الرياح يقرع أبواب الذاكرة ،
ورنين أكواب القهوة يغريني ،
أرتشف شيئا فشيئا حَنيني لأشخاص أحبهم ،
وألملم رحلة اغترابي على دندنات فيروز الدافئة
فقبل أن يرحل آذار ..
أتأمل من وراء زجاج ..
هرير قطرات الندى يؤنس وحدتي،
والريح المزاجية تجوب الزوايا،
أرافقها بناظري،
كأنثى شهية الخدين جميلة القوام تسلل إلى عروقها التانغو..
والبحر المائج يبلع ذكرياتي المفترسة ويعيدها لي صورا جميلة لا يخدشها الوجع ..
والسماء تصفو لتنسيني نخاسة من وثقت فيهم من البشر ..
والسيجارة تخليت عنها،
استبدلتها بكوب الشاي وإكليل آذار ..
كل الزوايا تغدو مجنونة،
تشبهني عندما ترتدي آذار ..
وما أجملنا حين يغمرنا حنين آذار ..
وما أجمل أوجاع آذار وما أجمل الحب أمام مدافئ “آذار” ..
وما أقوى الكره في قسوة رياح “آذار” ..
وأنا التي تتقن الكره .. حد الحب
في الكره أستمتع،
وفي الحب أغوص في الحياة بنهم ..
أقفز، أرقص، وأغني .. في كل الحالات
في حبي طفلة بريئة الأحلام،
وفي كرهي عجوز شمطاء لا تنام ..
أتقن الكره باحتراف،
وأجيد الحب بإتقان،
وان كان الحب في كفة ..
فإذا حضر الكره، يقصي العاطفة ويملأ الكفتان ..
وما أشبه مشاعري بقسوة رحيل “آذار “..
وفي هذا التوقيت،
غسق حنطي يلفح رداء المساء، كعادته،
بالكاد بدأت حناجر الطبيعة تهدأ،
تُحدث بحة وجع في آخر ليالي “آذار” ..
هنا..
غليون شهي في الزاوية،
وعقارب الساعة تترنح في خطاها،
ليلة تشبه الكحل الفحيم،
تغمر الشهب بجديلها،
وتعطر غموضها البربري بعود الكاميليا،
انتظار هذا ام فتيل جلنار يشتعل ؟..
فالذكريات تأبى الهمود،
وجمر المدفأة يأبى الانخماد،
والقتام يأبى الرحيل،
وفجر “نيسان” ضاع نبراسه في عجف الطريق..
—